منتديات الموازين الرسميه - قضية بين شخصين من الحروب وقاضيهم المطيري

قضية بين بطي بن شداد المعمري الحربي
وبين خصمه عايض بن رفادة الجابري الحربي
والقاضي خويتم الديحاني المطيري

( بيع وشراء الناقة المريضة )

( سبب القضية )

كانت لدى بطي ناقة كبيرة بسنها ويقال لها ( فاطر ) ولكنها كبيرة أيضاً بجسمها وسمينة جداً
وعايض بن رفاده لديه ناقة صغيرة في سنها وجسمها وضعيفة نسبياً في حالها يعني أقل لحماً وشحماً من ناقة بطي
وكلاً منهما له رغبة بناقة الأخر , بطي يرغب بناقة عايض لحيث أنها صغيرة في سنها وتصلح للاقتناء
وعايض يرغب بناقة بطي لكبر جسمها وكثرة شحمها ولحمها ولحيث إنها تصلح للبيع على الجزار وبأكثر ثمناً من ناقته
بعد أن كان قد قرر بيع ناقته الصغيرة في أحد الأسواق القريبة منه رغم علمه بأنها لا تأتي له بالقيمة التي هو يرغبها
ولكنه كان في ذلك الوقت ملح على بيعها وربما إنه قد أنتقد صحتها والله أعلم إلا أن بطي يعتبرها صحيحة البدن
ولذا كان يرغب تبديلها بناقته ( الفاطر ) .

فأبدى رغبته هذه على عائض وكان عائض يبادله نفس الشعور بنية الأستبدال فاتفقا على أن يتبايعها بينهما ناقة بناقة
بشرط أن لا أحد منهم يعلم أن في ناقته عيب أو مرض من أمراض الإبل المزمنه وبعد هذا تمت البيعة
ثم أخذ بطي وباعها وأخذ ثمنها وبعد ثلاثة أشهر أكتشف أن الناقة بديلة ناقته وهي ناقة بن رفادة مصابة بمرض الهيام
( وهو من أمراض الإبل المزمنة والمعروفة ومدة إصابتها عادة سنة وبعدها يقتل البعير وإصابته تكون في الرئة
ويستطيعون أهل الإبل تشخيص هذا المرض وتحديد مدته بالأشهر والأسابيع ).

وحيث كانوا متى اكتشفوا أن البعير مصاب بهذا المرض سواء كان هذا الإكتشاف مبكراً في أشهر المرض الأولى أو في
شهوره الأخيرة ذبحوا البعير ليأكلوا لحمه قبل أن يضعفه المرض ثم استخرجوا رئته من صدره ثم بدأوا يحسبون المدة .

فيقولون الشهر الأول والثاني يبدأ التهاب المرض في الشعب الهوائية من الرئة و الشهر الثالث والرابع يسري المرض
في ربع الرئة والشهر الخامس والسادس يسري في ثلث الرئة والشهر السابع والثامن يغطي نصف الرئة
وفي الشهر التاسع والعاشر ينتشر في ثلاثة أرباع الرئة وفي الشهر الحادي عشر والثاني عشر يقتل البعير المصاب .

هذا وبعد أن لاحظها تشرب الماء وتأكل المرعى باختصار وصار بطنها يضمر ولحمها ينشف ويكثر بروكها أثناء النهار
وتباينه عليها علامات المرض ذهب بطي إلى صاحبها الأول عايض بن رفادة الجابري وقال له : ناقتك مصابة بمرض الهيام .
قال عايض : إذا كانت مصابة صحيح بمرض الهيام فهي مصابة على ذمتك بعد أن اخرجت من عندي .
قال بطي : هيا اذهب معي واذبح ناقتك ولا زالت على حظك وادفع لي ثمن ناقتي التي انت بعتها به
وإذا كانت الإصابة بعد البيعة فالبيعه تامه وهي تحيا وتموت على حظي .

قال عايض بن رفادة اتركها حتى تموت من تلقاء نفسها بعد ستة أشهر
قال بطي إذا أحفظها في هذه المدة مع إبلك لحيث إنني أخشى أن تنتقل العدوى إلى أبلي .
قال عائض وانا مثلك أخشى على إبلي .
قال بطي إذا أنا أدعوك للحق وهل تعطيني الحق من نفسك يا رجل .
قال عائض نعم واطلب قاضيك وانا أقتفيك .
قال بطي قاضينا كلنا خويتم الديحاني المطيري لا هو من ربعي ولا هو من ربعك فاتفقا على ذلك وحددا الموعد في يوم معلوم
وفي اليوم ذهب عائض بن رفادة إلى القاضي أما بطي ذهب وذبح الناقة وأخذ رئتها ووضعها في جراب كان معه
(والجراب هو وعاء يصنع من جلود الغنم ويستعمل لحفظ بعض الأغراض الخاصه )
ثم لحق بصاحبة لذى القاضي فوجدوه ووجد جمع كبير من عقلاء القبيلة وقد جرت العادة عندهم
أن يحضر مثل هؤلاء من القوم ممن يكون لديهم فراغ ومتسع من الوقت ليحضروا قضوة القاضي ويكونوا بمثابة شهود الأعيان
على ما يتم بينهم بخصوص هذه الدعوى وغير ذلك لابد أن تكون للأخصام حاجة بهم في نهاية الخصومة
مثلا يجدون منهم كفيل الدفاع لمنع الجرم و كفيل الوفاء الغارم وفي هذه الأثناء طلب القاضي منهم 4 كفلاء لكل واحد منهم كفيلان
أحدهم كفيل غرم والآخر كفيل جرم وهدهم على كفلاءهم وأحضروا الكفلاء وبدأ القاضي بالإستماع إلى إفادتهم
حيث ادعى المدعى الأول وهو بطي بن شداد المعمري قائلاً إنا أعنا الله ثم أعناك يا قاضينا ياللي بالحق ترضينا ,
وانت اذكر الله يالقاضي والرب باقي والعمر ماضي وداخل على الله ثم عليك عن بن رفادة اللي باعني ناقته
المصابة بالهيام لا تباع ولا تسام وغشني فيها وقام والغش حرام أبيه يأخذ ناقته ويرد على ناقتي ما دام الشوف حديد
والأثر جديد والشيطان بعيد فسكت وقال له القاضي هل لديك مسندة ثانية على حجتك الأولى (يعني هل لديك أقوال
أخرى غير ما ذكرت) قال بطي نعم لدي مسندة وكل ما مني يتبع ما منه إذا قال حجة وأصبح لدي تعليق عليها فأنا أفعل ذلك فسكت .

ونظر القاضي إلى عايض بن رفادة الحميدي الجابري الحربي فقال القاضي أسمعنا دعواك يا عائض فتكلم عائض وأعلن حجته المحكمة
اللتي أذهلت كل الحاضرين وظنوا انها قد فازت بالحق وأخرست الخصم ولكن خصمه كان أدهى وألحن منه حيث قال عائض
أنا أعنا الله وأعناك يا قاضينا ياللي بالحق ترضينا وأنت اذكر الله يا قاضي في دعوى بطي اللي تفقد ناقتى من مواطيها
إلى مقاريها وحاف وشاف وشرى ما عاف (وقوله في مقاريها يعني فتش عليها من مواطيها يعني أخفافها إلى مقاريها
يعني إلى سنامها في أعلا جسمها ) ثم سكت .

وقال القاضي هل لديك مسندة يا عائض على دعواك المتقدمة قال عائض لا .

وكان خويتم القاضي جالساً فطلب حجة المسندة من بطي بأن يقولها نيابة عنه ثم نظر القاضي إلى بطي وقال هات مسندتك يا بطي .
وقال بطي نعم وانا أقول خير وكرم الله يا لقاضي وأنا دخيلك عن ناقة عائض المغشوشة اللي داها برداها من نهار بيعها وشارها
وابو سحير والعلة كلها في حشاها اللي ما يعرف بالبعير من أول شهره قبل يغطي سحرة إلا راعية اللي فوق ضهره
وهو يستخرج الجراب من الخرج وبة رئة الناقة المهيومة ثم يرمي بالرئة على غصن من الحطب أمام القاضي والحضور
وقال هذا هو أمامكم احسبو مدة الإصابة وأعلنوا الحق على أو على صاحبي فأمر القاضي رجلين من العقلاء وذوي الخبرة
الفاهمين في أمراض الإبل بتشخيص المرض وحساب مدته وهل هي قبل البيع أو بعده فتقدموا وتفحصوا رئة الناقة الماصبة
وصرحوا بقرارها إلى القاضي أن مدته قد بلغت ستة أشهر ثم التفت القاضي إلى صاحب إبل وتعرف أمراض الإبل
ولحيث إنك تعتبر من أرباب الخبرة وأنت تعرف أن البعير المصاب بهذا المرض يكتشف من الشهر الثاني وصاحبك حين أشتراها منك
ما كان يعرف عنها شي وأنت بعتها له على أنها سليمة والشرط هذا لم يقوم له برهان في صدر الحجة .

قال ابن رفادة أعطوني سالفتها أو مثيلتها في سلوم العرب وعاداتهم ومضى كلامه يسأل الحاضرين هل جرت العادة عندهم
أو عند غيرهم أن الغش في البيع والشراء ما يبطل البيع ولا يرد حق الشاري من البائع .
قال القاضي للحاضرين من يخبر سالفتها أو مثيلتها في عادات العرب قالوا الحضور من فمن واحد القصة هذه تالفة ما لها سالفة .

قال القاضي تعوض الله في ناقتك وأدفع حق صاحبك إليه وإلا حولناه إلى كفيلك الغارم فقال عائض بن رفادة الحق على وليس على كفيلي
ورضيت بالحكم والله خير الحاكمين .

وفضت المنازعة وانتهت الخصومة على يد القاضي خويتم الديحاني المطيري .

واتمنى أن تحوز هذه القصة على رضاكم
وتقبلوا تحيات اخوكم
طقها ولحقها