بعد [ 20 ] عاماً من حرب الخليج [ ذكرياتي البسيطة ]
كُتب : [ 19 - 10 - 09
- 09:59 PM ]
بـعـد [ 20 ] عاماً من حرب الخليج [ ذكرياتي البسيطة ]
من ما راق لي ونقلته لكم هذه الذكريات
بسم الله الرحمن الرحيم
في أوّل حياتي كنت وعائلتي من سكان الرياض والآن ولله الحمد في [ القصيم ] حفظها الله ، وقبل أن أبدأ ذكرياتي المتواضعة عن حرب الخليج دعوني أذكر لكم نبذة بسيطة عن تلك الحرب وما دار فيها .
الجيش العراقي توغـّـل في الحدود الكويتية سنة [ 1990 ] وقام جيشه بالإستيلاء على بعض أراضي دولة الكويت وبعض آبار نفطها وقام كذلك بأنواع من التخريبات في الأسواق والشوارع ، وبث الرعب والهلع في سكان دولة الكويت وما جاورها .
كانت السعودية المحضن الأم لأشقائها الكويتيين بما فيهم أمير الدولة الشيخ : [ جابر الأحمد الصباح ] حيثُ لجأ إليها بضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك [ فهد بن عبد العزيز آل سعود ] وسكن الكويتيون في الشقق المفروشة والمدارس وغيرها .
إتحدت بعض الدول بما فيها المملكة العربية السعودية وتحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية لنصرة الكويت من الغزو الغاشم ، ولإخراج العراق وكسر شوكته ، وهذا بالفعل ما حصل .
[ بعضاً من ذكرياتي في تلك الأيام ]
[ 1 ]
في ظهر يوم الخميس والذي وافق فجره الغزو العراقي على الكويت ، دخل والدي إلى البيت وطلب الراديو فلما سألناه أخبرنا بذلك الغزو وما سمعه من شائعات حول أسبابه ومجرياته وحيثياته حيثُ كان الكل في ذلك الوقت ــ خصوصاً بعد هذا الحدث ــ مغرماً بالسياسة وتحليلها وسماع الأخبار خصوصاً من إذاعتي [ موتكارلو ] و [ لندن ] .
[ 2 ]
بعد الغزو ولجوء الأشقاء الكويتيين إلى السعودية وغيرها بدأنا نرى تلك السيارات والعوائل واللوحات الكويتية في شوارعنا حتى إزدانت العلاقات بين بعض الأسر وبعض الأفراد ، ودرس بعضهم معنا في مدارسنا .
[ 3 ]
إلتفت صدام وجيشه إلى السعودية بعد تحالفها مع عدوّه الكويت وبدأ بإطلاق صواريخ تسمى [ سكود ] على الرياض ، وكان الردّ بإحباطها في الجو من قـِـبل السعودية بصواريخ تسمى [ باتريوت ] وقد رأيتها مرّة في الجوّ ، وسمعت وقعها على الأرض عدّة مرات .
[ 4 ]
بدأ الدفاع المدني بتحذير السعوديين بوجوب الحذر من تلك الصواريخ بشرطنة النوافذ الزجاجية بشكل [ × ] حتى لا تتساقط عند حدوث أمر ما ، وإلتزام البيوت عند سماع صافرات الإنذار ووجوب إقتناء كمامة الغاز .
[ 5 ]
أكثر ما كان يبعث بنا الرعب في ذلك الوقت وتحديداً عندما يطلق العراق صواريخه هو المذيع [ سليمان العيسى ] فقد كانت لغته التحذيرية أشبه بالصاروخ المـُـرسل إلينا حيثُ كلامه المخوّف : [ عليكم بإلتزام البيوت ، يمنع الخروج من المنازل ، يجب إغلاق النوافذ والأبواب ] وقد كان تحذيره بطريقة إسمحوا لي أن أسميها موحشة .
[ 6 ]
إضافة إلى سليمان العيسى ، فقد كان صوت صافرات الإنذار والتي كانت موزعة في أعلى البنايات وبعض سيارات الأمن مصدراً للرعب بسبب صوتها الموحش .
[ 7 ]
كان أكثر ما يـُـثير الحماس لدى متابعي الحرب هو شاعر الوطن [ خلف بن هذال العتيبي ] فقد كانت أبياته السلسة الحماسية التي يبثها في مناسبات القادة وقوداً للجيوش ، خصوصاً في شطر أحد أبياته التي كانت في ذلك الوقت على كل لسان عندما قال : [ وإن دندنت طبلة الحراب دندنا ] .
فمن أبيات الشاعر خلف والتي قالها على لسان الملك فهد ومطمئناً فيها الشيخ جابر عندما نخاه ولجأ إليه ــ بعد الله ــ :
قال نم وإرتح وكبّر بالوسـادة وإستعن بالله عسى بالأمر خيره يـوم حمّلنـا تحمّلنـا الإرادة عندنا قدرة وتدبيـر وبصيـره
وكذلك :
صدام لا تحسب إن الحرب يجهلنا حنا هل الحرب والكلمة نبرهنهـا
ويقول مخاطباً ومتوعداً الرئيس صدام حسين :
لك يوم محتوم تصغر به وتتمنى ما كنت فوق الوجود ولك نقننها
وقال في أحد قصائده إبـّـان الحرب وعركته :
يا شيخ جابر لك الله ما تهاونـا الفهد يأكد لك العودة ويضمنهـا يا شيخ والله زعلك اليوم مزعلنا والمهزلة والمهونة ما نواطنهـا أبشر بنصر يشيّد فـوق ويبنّـا بأيدي رجالن محكحكة معادنها
حقيقة أبيات الشاعر [ خلف العتيبي ] وخصوصاً في تلك الأيام وتلك الحرب رائعة فالكثير حفظها وتناقلها .
[ 8 ]
أصبح الرياض في تلك الأيام لا يـُـطاق فمن تحذيرات الحكومة من الحرب وما يدور فيها وأن العاصمة مقصداً للعدو ، ومن كثرة التفاتيش وغيرها ، أشار بعض أفراد عائلتي على والدي بالذهاب للقصيم وتحديداً [ بريدة ] حيثُ الأهل والقرابة والأصحاب ، للخروج من الأجواء المرعبة في العاصمة ولأخذ قسطاً من الإستجمام في ديرتنا وبلدتنا الأم [ بريدة ] .
فعلاً هذا ما حصل ، فقد أتينا للقصيم وجلسنا فيها ــ إن لم تخني الذاكرة ــ [ 26 ] يوماً ، إلا أن عيـّـاري أهل القصيم أسمونا بالمشردين  ، على طاري عيارة أهل القصيم بالتسميات ، يكلمني أحد موظفي مطاعم [ عمو حمزة ] بأن أهل القصيم يسمون المطعم من كثرة الزحام وخصوصاً في قسم العائلات بــ [ عمو زحمة ]  .
فقط .. الذاكرة أرجعتني للوراء وخصوصاً في أيام الحرب فأحببت إطـّـلاع إخوتي عليها ، علماً بأنها لم تـُـكمل العشرون عاماً بل تنقص ذلك بعدّة أشهر .
شكري الجزيل لمشاركتكم بقراءة الموضوع .
|