عرض مشاركة واحدة
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 1 )
عضو
رقم العضوية : 684
تاريخ التسجيل : 04 10 2007
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 73 [+]
آخر تواجد : 29 - 05 - 08 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : مشهب الديحاني is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي وما أدراك ما نعمة البصر

كُتب : [ 30 - 04 - 08 - 10:15 AM ]

وما أدراك ما نعمة البصر


رجل طاعن في السن ليس له معين في هذه الحياة الفانية إلاّ الله *
مازالت له عينان يبصر بهما وقد بان عليه أثر التعب وأنهكه الترحال وهو يسرح بغنمه الهلكى من الجوع والعطش في وسط الصحاري والأودية يبحث جاهدا عن منابت الكلأ وموارد المياه في زمن الجدب والجفاف ، فإما أن يظفر بالغنيمة ويجد ما يبتغيه مناه ، أو يواصل مسيرة الشقاء وهو هائم على وجهه إلى أن يتكالب عليه اليأس والتعب في آخر النهار فتبرد الأرض ويستلقي علي ظهره وسط الرمال ليتفكّر ماذا سيفعل في الغد *
وسط تلك الهواجس والهموم والأفكار والمعانات التي يكابدها ذلك الرجل العجوز المسكين والذي يشفق عليه في ذلك الموقف حتى أعداءه ..
أقول : لو قيل له بكل صدق وأمانه ، وسردوا له أعظم ما قيل من القسم والعهود بأن يعطى له خيرات الدنيا وما فيها من كنوز الأرض التي تحكي عنها الأساطير ، ويأتوا بالخدم والحشم ، ويهبوا له العبيد يخدمونه في الليل والنهار .. مقابل أن يسلبوا عنه بصره .. ماذا تتوقّعون أن يكون جوابه ؟
الجواب : هو الابتسامة الساخرة والرفض القاطع وعدم المبالاة واستكمال المسيرة في الغد إلى أن يأتيه القدر المحتوم ويهلك مع غنمه *
ولو انتقلنا لحظات بسيطة من عمر الزمن لنطّلع على نعم الله الحسّية الملتصقة في جسد الإنسان والتي هي أساس المعين في عبادته وتنفيذ حكمه وشرعه وأساس طلب الرزق وأعمار الأرض ، لوجدنا كنوز هائلة من تلك النعم وقد انغمسنا بها ونحن لا نشعر بملذّاتها إلاّ إذا افتقدناها *
" وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها " سورة النحل * * وسورة إبراهيم
ولن نستطيع الابتعاد كثيرا عن نعمة البصر ، تلك النعمة التي لا تقدّر بثمن والتي لا يجرأ على مساومتها مع الآخرين حتى السفهاء والجهلة من البشر ، بل حتى التفكير بها *
ولو قلنا جدلا : فليغمض أي واحد منّا عينيه مخيّرا في وسط النهار ولا يفتحها إلا بعد ساعة أو ساعتين فقط ، وليخالط الناس ليستكمل تحقيق حاجاته الأسرية والشخصية وجميع متطلباته الحياتية في ذلك اليوم *
أقول : لو تم بالفعل إنجاز كثير من متطلباته بطريقة أو بأخرى بعد الجهد والصبر والمعانات ، وقلنا له أفتح عينيك وأكتب في الحال عن خاطرة شخصية تتحدث بها عن نعمة البصر ، لوجدنا ذلك الأسلوب الرائع والتعبير الصادق الذي يعجز أن يسايره المثقفين والأدباء والشعراء لما يرونه من تعبير ووصف حقيقي لتلك النعمة التي لا توصف ولا تقدّر بثمن *
ومع ذلك نجد أمثلة رائعة للذين فقدوا بصر العين " وليست البصيرة " ويشهد عليهم الزمن الماضي والحاضر وعن علماء أفذاذ كبار في قدرهم بين البشر ويعجز المرء أن يحصي أعمالهم وحسناتهم وإنجازاتهم التي انتفعت بها أمة محمد عليه الصلاة والسلام * ولم يمنعهم عائق الأبصار عن العمل لكل خير يستطيعون الولوج فيه *
ولكن نستطيع أن نقول أننا نفخر بهؤلاء الكبار من العلماء والمصلحين لأنهم يعتبرون من القلّة القليلة من الرجال الذين تميّزوا عن غيرهم من سائر البشر الذين يعانون من بلاء فقدان البصر ، ولم يأتي هذا العلم وهذا التميّز والإبداع من فراغ ، ولكن كان بعد فضل الله وتوفيقه ثم بجهودهم وصبرهم ومواصلتهم للعمل وإخلاصهم لله قبل كل شيء ونحسبهم كذلك وأسأل الله أن لا يضيّع أعمالهم ولا يضيّع أجورهم ويرزقهم النعيم المقيم في جنان الخلود *
اللهم أعنا على ذكرك وحسن عبادتك وشكر نعمتك التي لا تحصى



مشهب الديحاني
=========

رد مع اقتباس