أزمة الريال قد تدفع حكومة إيران لاحتكار سوق العملة
كُتب : [ 10 - 10 - 12
- 01:25 PM ]
جانب من الاحتجاجات في طهران على خلفية أزمة الريال
دبي - رويترز
قد تنتهي معركة الإرادة بين الحكومة الإيرانية وتجار العملات الأجنبية باستحواذ السلطات الإيرانية على جميع المعاملات التجارية على الريال مما سيضطر كثيرا من الإيرانيين إلى اللجوء إلى طرق غير قانونية للحصول على العملة الصعبة من سوق سوداء تعاني من عرض شحيح.
وربما يمنح هذا الإجراء الاقتصاد الإيراني القدرة على الصمود قليلا في وجه العقوبات الاقتصادية الغربية، لكنه قد يرفع معدلات الفساد ويؤثر سلبا على القرارات التجارية للشركات ويؤجج غضبا في صفوف الطبقة الوسطى تجاه الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وعلى مدار الأسبوعين الماضيين بدا أن سعر صرف الريال أمام الدولار الأمريكي بمثابة خط صدع في الاقتصاد الإيراني بينما تقاوم البلاد ضغوطا دولية بسبب برنامجها النووي وتنكر اتهامات غربية بأن البرنامج يهدف لصنع سلاح نووي.
وأدت العقوبات إلى تراجع إيرادات إيران من تصدير النفط ودفعت الإيرانيين إلى التخلص مما بحوزتهم من الريال وابداله بعملات أجنبية مما هوى بالعملة الإيرانية.
وفي مطلع الأسبوع الماضي بلغ سعر الدولار 37 ألف و500 ريال إيراني تقريبا بعدما فقد الريال نحو ثلث قيمته في عشرة أيام وثلثي قيمته في 15 شهرا.
ويرى اقتصاديون أن إيرادات إيران من التصدير قد تتجاوز إنفاقها على الاستيراد مما يعينها على مقاومة الضغوط الغربية شأنها شأن بلاد أخرى تعرضت لضغوط العقوبات في السابق مثل العراق وصربيا وزيمبابوي، لكن ضياع الثقة بالريال في أوساط المدخرين في إيران يعني أن الحكومة قد تقلص دور المعاملات الخاصة في تجارة العملة الآن لوقف التدفق.
ويؤدي هبوط الريال إلى ارتفاع التضخم الذي بلغ حسب تقديرات رسمية نحو 25 في المئة بعدما أصبحت السلع المستوردة أكثر ندرة، وفي الأسبوع الماضي وقعت مصادمات بين شرطة مكافحة الشغب في طهران ومتظاهرين يحتجون على انخفاض قيمة العملة.
ويتعرض أحمدي نجاد لانتقادات من البرلمان بسبب إدارته للاقتصاد، لذا فإن الحكومة مشغولة بتحقيق استقرار سعر الصرف.
ويرى محللون أن فشلها في ذلك في الأيام الماضية يعني أنها قد تحتاج إلى غلق السوق الحرة الشرعية تماما وإحكام قبضتها على تجارة العملة.
يقول محمد علي شعباني المحلل السياسي الإيراني المقيم في لندن "ستكون النتيجة النهائية استحواذ الحكومة على تجارة العملة والتضييق التام على تجار القطاع الخاص أو إجبارهم على الإذعان لها للحصول على دعمها، هذا سيعطي الحكومة دفعة في ظل استعدادها لتلقي عقوبات أشد وطأة في الأشهر العشرين المقبلة".
وخلال الأيام الماضية حاولت الحكومة بسط سيطرتها على سوق العملة بمزيج من التهديدات والإقناع.
وأوصت الرابطة الإيرانية للصرافة وهي هيئة مرخصة من الدولة أعضاءها ببيع الدولار مقابل 28 ألف و500 ريال بخصم نسبته 25 في المئة تقريبا عن سعر السوق الحرة في الأسبوع الماضي.
وفي الوقت ذاته تم القبض على عشرات الأشخاص بتهم التلاعب في سوق العملة وهو إجراء يعتبر على نطاق واسع تحذيرا لتجار العملة من عواقب تداول الريال بأدنى من السعر المقترح من جانب السلطات.
ويقول تجار في طهران ودبي وهي مركز رئيسي للتجارة مع إيران إن معظم تعاملات السوق الحرة على الريال توقفت في المدينتين.
ويقول تاجر عملة إيراني في دبي "إن ذهبت إلى إيران الآن سيكون من الصعب فعلا الحصول على دولارات أمريكية. عليك أن تشتريها من السوق السوداء".
ويقول محللون إن الرد المرجح من الحكومة على الأزمة سيكون إخراج مزيد من التعاملات على الريال من السوق وإدخالها إلى حيز القنوات الرسمية.
وفي وقت سابق من هذا العام وضعت الحكومة الإيرانية "سعرا مرجعيا" هو 12 ألفا و260 ريالا للدولار الواحد ووفق هذا السعر باع البنك المركزي الإيراني الدولار لمستوردي بعض السلع الغذائية والأدوية المصنفة كسلع أساسية.
وأسست الحكومة الشهر الماضي مركزا للصرافة لخدمة مستوردي السلع الأساسية كالمواد الصناعية.
ونقل التلفزيون الرسمي عن وزير الصناعة مهدي غضنفري قوله إن المركز الذي يسعر الدولار بمبلغ 25 ألف و550 ريالا الآن، وسيبدأ في توفير العملة الصعبة لشرائح جديدة من الشعب كالطلاب الذين يدرسون بالخارج والمرضى المسافرين للعلاج خارج البلاد.
وحسب صندوق النقد الدولي فإن احتياطي العملات الأجنبية لدى الحكومة الإيرانية بلغ 106 مليارات دولار نهاية العام الماضي، وتتكتم الحكومة على المستوى الحالي، لكن بعض المحللين يرون أنه ربما انخفض بعشرات مليارات الدولارات بعدما أدت العقوبات إلى هبوط الدخل الإيراني من النفط.
ويقول محللون إن ما يصل إلى ثلث هذا الاحتياطي قد يكون مودعا لدى بنوك خارجية ولا يمكن التصرف فيه بسبب العقوبات الغربية.
وسيكون لاحتكار الدولة لتجارة العملة تكاليف أخرى، وهناك احتمال كبير جدا لحدوث فساد بين المسؤولين فيما يخص تجارة الدولار.
ويقول شعباني إنه سمع عن شخصيات تؤسس شركات وهمية للتصدير والاستيراد في إيران للحصول على الدولار فحسب.
ويقول ستيف هانكي أستاذ الاقتصاد في جامعة جونز هوبكنجز في الولايات المتحدة
"يتوقف الأمر على هويتك الشخصية وقدرتك على الوصول إلى العملات الأجنبية بسعر معتدل. وسيكون هيكل التكلفة الخاص بك مختلفا تماما عن الآخرين، هذا يعني أن الاقتصاد مليء بالتشوهات. ومع ارتفاع التضخم المسألة تزداد سوءا".
ويقول عماد مشتاق المحلل الاستراتيجي بشركة رليجير كابيتال ماركتس إن أزمة العملة ستكون أشد وطأة على الطبقة الوسطى وتجار القطاع الخاص وهم على أية حال ليسوا داعمين سياسيين كبار للحكومة.
وكتب مشتاق في تقرير له يقول إنه سيكون بمقدور المقربين من الحكومة استخدام القنوات الرسمية للحصول على الدولار ولن تشعر الطبقة العاملة التي تشكل 80 في المئة من السكان أن قدرتها على الإنفاق تتراجع بشكل كبير لأن الحكومة ستوفر الدعم.
وأضاف مشتاق "الضغط الاقتصادي الحالي لا يذكر مقارنة بعام 1988 حين أوقفت إيران حربها مع العراق باقتصاد مدمر بعد الهجمات بالأسلحة الكيماوية وفرض عقوبات كاملة عليها وبلوغ سعر برميل النفط عشرة دولارات."