الرئيسية التسجيل البحث جديد مشاركات اليوم الرسائل الخاصة أتصل بنا
LAst-2 LAst-3 LAst-1
LAst-5
LAst-4
LAst-7 LAst-8 LAst-6

 
 عدد الضغطات  : 27666
 
 عدد الضغطات  : 38691

« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
         :: شيلات الشاعر عبدالرحمن العقيلي باصوات افضل المنشدين (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: مرثية الشاعر عبدالرحمن العقيلي في والده الشيخ متروك بن صالح العقيلي رحمه الله https: (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: مرثية الشيخ تراحيب بن صالح العقيلي رحمه الله1440هــ (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: حفل الشاب سعود عبد الكريم العقيلي عنيزه (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: حفل الشاب نور بن زبن العقيلي (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: حفل الشاب عبدالله مرداس العقيلي (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: مرثية الراحل الاستاذ عواض بن نور العقيلي رحمه الله (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: عودة بعد غيبة ليست بالقصيرة واعتذار (آخر رد :عبدالرحمن العقيلي)       :: موقف الشيخ هدايه الشاطري شيخ شمل الشطر مع العتيبي والحابوط (آخر رد :الخضيراء)       :: الشيخ هدايه بن عطيه شيخ شمل الشطر مع العتيبي (آخر رد :الخضيراء)      



القبائل والعوائل الأخرى كل مايتعلق في القبائل بالجزيرة العربيه والعوائل المتحضره.

إضافة رد
انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 1 )
جديد
رقم العضوية : 77
تاريخ التسجيل : 04 06 2007
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 28 [+]
آخر تواجد : 02 - 12 - 07 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : قاصرها is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي للمهتمين بالتاريخ والقبائل في بدايات العصر الاسلامي

كُتب : [ 15 - 07 - 07 - 07:23 AM ]

بسم الله الرحمن الرحيم


علاقة المسلمين بالقبائل المحيطة بالمدينة في العهد النبوي
د. محمد بن عبد الهادي الشيباني
استاذ مساعد قسم التاريخ / الجامعة الإسلامية


القبائل المجاورة للمدينة من الناحية الغربية


كانت قبائل أسلم وغفار ومزينة وأشجع وغطفان وجهينة وسُليم وضمرة تحيط بالمدينة .
وكانت قبيلة جهينة هي المهيمنة على الأنحاء الغربية من المدينة حتى ساحل البحر، فقد تفرقت قبائل جهينة في جبال الأشعر والأجرد ، وقُدْس وآره، ورضوى ، وانتشروا في أوديتها وشعابها ، وسكنوا إضم وأعراضه ونزلوا ذا خُشب ، وبُواط ، وبدرا ، وودّان ، وينبع ، والحَوْراء ، والساحل، وامتدوا في تهامة حتى لقوا بليَّا ، وجذام بناحية حَقْل ، ونزلت طوائف من جهينة بذي

صفحه 1
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) ابن هشام ، السيرة النبوية 2/ 501 – 504 ؛ محمد حميد الله ، مجموعة الوثائق السياسية 39 – 47 ، دار إحياء الإرشاد ، بيروت ، ط3/ 1412هـ ؛ عون الشريف قاسم ، نشأة الدولة الإسلامية 29 – 37 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط 2 ، 1401 هـ ؛ إبراهيم الشريف ، مكة والمدينة في عهد الجاهلية وعهد الرسول 409 – 421 ، دار الفكر العربي ، بيروت ، ط1، 1965 م ؛ مهدي رزق الله ، السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية 306 – 318 ، مركز الملك فيصل ، الرياض ، ط1/1412هـ .
( ) ابن هشام ، السيرة النبوية 2/504.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 2

المرْوة( ). وسكنت قبائل أشْجع شمال المدينة، وكانت ديارها تمتد إلى منتصف الطريق إلى تيماء ، وإلى فدك( ) .
وأما قبائل مزينة ، فكانت تسكن المرتفعات الواقعة جنوب جبل الأشعر ، وتختلط ديارها بجهينة مروراً بالروحاء ، وأهم ديارها جبال قُدْس، وآره وما والاها ، وجبال نهبان الأسفل والأعلى ، وثافل وورقان( ). وأما ضمرة فكانت ديارهم في الأطراف الجنوبية الغربية من المدينة ، وأبرز أماكنهم ودَّان والأبواء ورابغ ، والبَزْوَاء ، والجحفة ، وجبلا ثافل الأكبر وثافل الأصغر ، وتمتد ديارهم شمالاً حتى تلاقى جهينة في بُواط( )
وكانت قبائل غفار تسكن الصفراء ، وبدراً ، وتمتد شرقاً إلى جبل العرج وسُقْيا بني غفار( ).
وتعتبر قبيلة أسلم هي أقرب القبائل للمدينة من الناحية الغربية ، حيث تمتد ديارها من جهة حرة الوَبْرة غربي المدينة مرورا بذي الحُلَيْفة ، وضَبُّوعة وتُرْبان،
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

( ) البكري ، معجم ماستعجم 37 _38. تحقيق مصطفى السقا ، مطبعة لجنة التأليف والترجمة ، القاهرة ، ط1/1368هـ .
( ) الواقدي ، المغازي 2/638 ، 639 ، 727 تحقيق : مارسدن جونس ، عالم الكتب، بيروت، ط3/1404هـ ؛ابن سعد، الطبقات الكبرى 1/306، 4؟280 ، تحقيق إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ؛ الطبري = =الأمم والملوك ، 7/535 ، تحقيق : محمد أبو الفضل ابراهيم ، دار سويدان ، بيروت /01384هـ ؛ البكري، معجم ماستعجم 367 ، 915 .
( ) البكري ، مصدر سابق 155 ، 182 ، 188 ، 681 ، 1050 ، 1052 ، 1377 .
( ) البلاذري ، أنساب الأشراف – قسم السيرة - 1/286 ، تحقيق : محمد حميد الله ، دار المعارف، مصر، ط1، 1959م ؛ الواقدي ، المغازي 1/12 ؛ ابن سعد ، الطبقات الكبرى 2/8 ؛ الطبري، الامم والملوك 3/403 ؛ عرام السلمي ، أسماء جبال تهامة 14 ، دار الكتب العلمية ، بيروت، ط1/1410هـ ؛ البكري ، مصدر سابق 1052 ، 1402.
( ) ابن هشام ، السيرة النبوية 1/623 ؛ صحيح مسلم 2/853 حديث (1196) ، كتاب الحج ، باب تحريم الصيد ؛ ابن سعد 4/245 ؛ البكري 231 ، 659 ، 1010 ، 1041 ، 1227.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 3

ومَلَل ، وَفرْش مَلَل ، وَيَيْن ، والسَيّالة( ) ، وجزء منها كان قرب مكة في مَرّ الظَّهْران وقُدَيد وعُسْفَان( ) .
كانت قوافل قريش التجارية إلى بلاد الشام ، تمر عبر أراضي هذه القبائل، ولذا نجد النبي  يوجه جهوده نحو هذه القبائل عن طريق دعوتها للإسلام ، أو عن طريق مهادنة بعضها ، خاصة أن هذه القبائل لها علاقات مهمة بالمدينة ، حيث الموارد الغذائية المتوفرة، والمركز الاقتصادي المهم في الحجاز الأوسط .
وتتضح أهمية هذه القبائل لأمن طرق قريش التجارية من خلال قصة أبي ذر رضي الله عنه فعندما قابل النبي  في مكة وأسلم قال له النبي : " ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري . فقال : والذي نفسي بيده لأصرخن بين ظهرانيهم ، فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله ، فقام القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه ، وأتى العباس فأكبّ عليه ، وقال : ويلكم :ألستم تعلمو أنه من غفار ! وأنه من طريق تجارتكم إلى الشام ؟ فأنقذه منهم ، ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه ، وثاروا إليه، فأكبّ العباس عليه"( ). لقد قام الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه – بجهد كبير بعد اعتناقه الإسلام بين أفراد قبيلته غفار ، فدخل كثير منهم الإسلام ، فلما هاجر النبي  إلى المدينة دخلت غفار كلها
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) ابن هشام 1/614 ، 623 ؛ الواقدي 1/484 ، 486 ، 488 ، 2/575 ؛ ابن سعد 1/173 ، 4/ 309، 310، 311 ، 312 ، 313 ، 317 ؛ عرام السلمي 26 .
( ) اليعقوبي ، البلدان 313 – 314 ، دار صادر ، بيروت : مصور عن مطبعة بريل ، هولندا، عام 1892م
( ) البخاري مع الفتح 7/211 حديث 3861 كتاب مناقب الأنصار باب : إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 4

في الإسلام( ). وبهذا يكون الرسول  قد ضمن قبيلة مهمة في حربه ضد قريش، والتي ستكون رهن إشارته سواء كان ذلك بإعلان الحرب ، أو بنقل المعلومات المهمة عن تحرك قوافل قريش . وأما ( قبيلة جهينة )، المسيطرة على خط القوافل التجارية ، وتسكن الجبال الشاهقة والمنيعة ( الأجرد ، والأشعر ) فقد دخلت في الإسلام منذ وقت مبكر . قال سعد بن أبي وقاص : " لما قدم رسول الله  المدينة جاءته جهينة فقالوا إنك قد نزلت بين أظهرنا ، فأوثق لنا حتى نأتيك وتؤمّنا ، فأوثق لهم فأسلموا( )". وأما قبيلة أسلم الخزاعية فقد دخلها الإسلام منذ وقت مبكر أيضاً، فقد أسلم أميرهم بريدة بن الحصيب لما مرّ به النبي  أثناء هجرته من مكة إلى المدينة ، وأسلم معه ثمانون بيتاً في تلك الليلة من أفراد قبيلته ، ثم هاجر بريدة وكثير من الأسلميين إلى المدينة( ). .
وأما الأسلميون الذين يسكنون غرب المدينة مباشرة فقد دخلوا في الإسلام منذ وقت مبكر ، ومنهم أبطال الصحابة رضوان الله عليهم أمثال سلمة بن الأكوع وعامر بن الأكوع ، وأبو برزة الأسلمي وغيرهم، وشهدت أسلم كلها فتح خيبر( ).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

( ) صحيح مسلم 4/1922 ، 1952 ، 1953 حديث 2473 ، 2514 كتاب فضائل الصحابة (باب فضائل أبي ذر رضي الله عنه )؛ ابن سعد 4/221، 222 .
( ) أحمد ، المسند 3/118 حديث (1539) تحقيق : شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ، ط1/1414 هـ ؛ ابن أبي شيبة ، المصنف 14/351 – 352 ، الدار السلفية ، الهند ، ط1/1403هـ .
( ) الواقدي 2/659 ، 662 ؛ ابن سعد 4/242 ، 310 ، 312 ؛ ابن هشام 3/332 ، 4/423 ؛ ابن الجوزي ، الوفا بأحوال المصطفى 1 /247 ، تحقيق : مصطفى عبد الواحد ، دار الكتب الحديثة، القاهرة ، ط1/1386هـ
( ) الواقدي 2/782 .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 5

قالت عائشة رضي الله عنها : لما قدمنا المدينة نهانا رسول الله  أن نقبل هدية
من أعرابي ، فجاءته أم سنبلة الأسلمية بلبن فدخلت به علينا فأبينا أن نقبله، فنحن على ذلك إلى أن جاء رسول الله معه أبو بكر فقال : ماهذا؟ فقلت : يارسول الله أم سنبلة أهدت لنا لبنا وكنت نهيتنا أن نقبل من أحد من الأعراب شيئاً . فقال رسول الله  : خذوها فإنّ أسلم ليسوا بأعراب ، هم أهل باديتنا ونحن أهل حاضرتهم ، إذا دعوناهم أجابوا وان استنصرناهم نصرونا ، صبي يا أم سنبلة"( ).
واعترافاً بدورهم الجهادي الكبير كان  يقول :"ابْدُوا يا أسلم فتسنّموا الرياح، واسكنوا الشعاب ، فقالوا يا رسول الله : وإنا نخاف أن يضرنا ذلك في هجرتنا ، فقال : أنتم مهاجرون حيث كنتم" ( ).
وأما قبيلة أشجع ، فقد كانت محاربة للرسول  ، وتأخّر إسلام هذه القبيلة إلى السنة الخامسة من الهجرة( ).
ومن الملاحظ أن قبيلة أشجع لا تقع على الطريق التجاري لقوافل قريش ولكن لها صلاة بقبائل أسلم وجهينة وبيهود خيبر.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) ابن سعد 8/294 ؛ احمد ، المسند 41/468 حديث (25010) ؛ أبو يعلى ، المسند 4/390 حديث (4754) ، تحقيق : إرشاد الحق الأثري ، دار القبلة ، جدة ، ط1/1408هـ .الهيثمي ، مجمع الزوائد 4/149 وقال: رواه احمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح ، دار الكتاب العربي ، بيروت ط3/1402هـ ؛ ابن حجر ، الإصابة 8/233 تحقيق علي البجاوي ، دار النهضة ، القاهرة ، ط1/1971/ .
( ) أحمد ، المسند 23/170 حديث (14892) ؛ وبمعناه عند البخاري مع الفتح 13/44 حديث (7087) كتاب الفتن (باب التعرب في الفتن) ؛ صحيح مسلم 3/1486 حديث (1862) كتاب الإمارة (باب تحريم رجوع المهاجر إلى استيطان وطنه) .
( ) سنتحدث عنها في قبائل غطفان.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 6

ولعل مما يؤكد موادعة وإسلام القبائل القاطنة على طريق قوافل قريش - منذ وقت مبكر - إرسال الرسول  لسرية حمزة بن عبد المطلب ومعه ثلاثون من المهاجرين نحو سيف البحر ليعترض عير قريش ، وذلك في أراضي قبيلة جهينة ، وكانت عير قريش يقودها أبو جهل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة ، فالتقوا حتى اصطفوا للقتال ، فمشى بينهم بالصلح مجدي بن عمرو الجهني ، وكان حليفاً للفريقين حتى انصرف القوم .
" فلما رجع حمزة إلى النبي  خبّره بما حجز بينهم مجدي ، وأنهم رأوا منه نصفة لهم ، فقدم رهط مجدي إلى النبي  فكساهم وصنع لهم خيراً ، وذكر مجدي بن عمرو فقال : إنه ما علمت ميمون النقيبة، مبارك الأمر، أو قال : رشيد الأمر "( ). ومن الأدلة على إسلام هذه القبيلة كذلك، ونصرتها لرسول الله  ما حدث لطلحة بن عبيد الله ، وسعيد بن زيد حيث أرسلهما الرسول  قبل خروجه من المدينة إلى بدر بعشر ليال ، يتحسسان خبر عير قريش ، فخرجا حتى نزل على كَشَد الجهني بالتجبار من الحوراء ـ والتجبار من وراء ذي المَرْوة على الساحل ـ فأجارهما وأنزلهما ، ولم يزالا مقيمين عنده في خباء حتى مرت العير، فرفع طلحة وسعيد على نَشَز من الأرض ، فنظرا إلى القوم ، وإلى ما تحمله العير، وجعل أهل العير يقولون : ياكشد هل رأيت أحداً من عيون محمد؟ فقال ، أعوذ بالله ، وأنى لعيون محمد بالتُجبار ، فلما راحت العير باتا حتى أصبحا ثم خرجا ، وخرج معهما كشد خفيرا ، حتى أوردهما ذا المروة ، وساحلت العير فأسرعت ، وساروا الليل والنهار فرقا من الطلب...... وقدم كشد بعد ذلك فأخبر النبَّي  سعيدٌ وطلحة إجارته إياهما ، فحباه رسول الله وأكرمه ، وقال : ألا أقطع لك ينبع ، فقال إني كبير وقد نفذ
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) الواقدي 1/9 ؛ وانظر خبر هذه السرية عند ابن هشام 2/595 ؛ ابن سعد 2/6 ؛ الطبري 2/402 .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
صفحه 7

عمري ، ولكن اقطعهما لابن أخي ، فقطعها له " ( ). لقد استفادت سرايا النبي  من دخول الإسلام إلى هذه القبائل، فأصبحت تلك السرايا تنطلق في ديار جهينة ، وبنو ضمرة، وأسلم، وغفار، بدون أدنى خوف عليها , ونتيجة ذلك نجد سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ ، بعد ثمانية أشهر من الهجرة "( ) .
ثم سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار، بعد تسعة أشهر من المحرم( ).
ثم توّج الرسول  تلك المعاهدات وتلك العلاقات القوية لقبائل غرب المدينة بأن خرج بنفسه في غزوة هي الأولى من غزواته ، وهي غزوة الأبواء ( ودّان ) بعد إحدى عشر أو اثنا عشر شهراً من هجرته إلى المدينة .لاعتراض عير قريش ، ثم وادع بني ضمرة من كنانة . وكتب كتاباً مع سيدهم مجدي بن عمرو الضمري( ), ويجب هنا أن ندرك أن موادعته لبني ضمرة لا تعني أن حرباً قائمة بينه وبينهم ، ولكن من أجل تنظيم العلاقة ، ولكي يقطع لبهم أيَّ صلة مع قريش وذلك من خلال عبارات المعاهدة التي جاءت كما يلي : " بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضمرة، فإنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم ، وإن لهم النصر على من رامهم إلا أن يحاربوا في دين الله ما بلّ بحر صُوفه ، وإن النبي إذا دعاهم لنصره أجابوه ، عليهم بذلك ذمة الله وذمة رسوله، ولهم النصر على من بر منهم واتقى "( ).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

( ) الواقدي 1/19 – 20 ؛ابن شبة، أخبار المدينة 1/219؛معجم ما استعجم 2/656 - 657.
( ) الواقدي 1/10 ؛ ابن سعد 2/7 ؛ الطبري 3/204 .
( ) .المغازي 1/11 ؛ ابن سعد 2/7 ؛ الطبري 3/403 .
( ) السهيلي ، الروض الأنف 2/28 ؛ الواقدي 1/12 ؛ ابن سعد 1/274 – 275 ، 2/8 ؛البلاذري 1/287 ؛ الطبري 3/403 ؛ محمد حميد الله 220 .
( ) السهيلي ، الروض الأنف 2/28 ؛ الواقدي 1/12 ؛ ابن سعد 1/274 – 275 ، 2/8 ؛البلاذري 1/287 ؛ الطبري 3/403 ؛ محمد حميد الله 220 .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 8

ثم قام الرسول  بغزوة بُواط على رأس ثلاثة عشر شهراً من هجرته  ، يريد عير قريش ، فلم يجد العير فرجع الى المدينة( ). وبُواط تقع في أراضي جهينة. وكتب النبي  بينه وبين قبيلة غفار كتاباً منذ وقت مبكر جاء فيه " أنهم من المسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ، وأن النبي عقد لهم ذمة الله وذمة رسوله على أموالهم وأنفسهم ، ولهم النصر على من بدأهم بالظلم، وأن النبي إذا دعاهم لينصروه أجابوه ، وعليهم نصره إلا من حارب في الدين ، ما بلّ بحر صوفه ، وأن هذا الكتاب لا يحول دون إثم"( ) . وفي السنة الثانية للهجرة خرج النبي  بنفسه في غزوة نحو العشيرة في بطن ينبع( )، وفي هذه الغزوة مر على بني مدلج فضيفوه وأحسنوا ضيافته( ). وكتب بينه وبين بني مدلج كتاباً وادعهم فيه مع حلفائهم من بني ضمرة ( ).
ويظهر أن قبائل بكر بن عبد مناة ـ ومن فروعها بني مدلج وغفار وضمرة ـ ( ) وكانت علاقتها مع قريش متوترة ، بسبب ثارات ودماء فيما بينهم( ).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) الواقدي 1/12 ؛ ابن سعد 2/8 ؛ البلاذري 1/287 ؛ ابن كثير ، البداية والنهاية 3 /245 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ط1/1405 هـ ؛ الذهبي ، تاريخ الإسلام – المغازي – 47 ، تحقيق: عمر تدمري ، دار الكتاب العربي ، بيروت ط2/1410هـ .
( ) ابن سعد 1/174 ؛ وعند ابن حبيب أن الموادعة هذه كانت في شعبان من السنة الثانية (المحبر 111) ؛ محمد حميد الله 220 .
( ) ابن هشام 2/599 ؛ الواقدي 1/12 ؛ البخاري مع الفتح 7/36 حديث(3949) كتاب المغازي (باب غزوة العشيرة ) .
( ) البلاذري ، أنساب الأشراف 1/287 .
( ) ابن حزم ، جمهرة أنساب العرب 185 – 187 ، تحقيق: عبد السلام هارون ، دار المعرف ، القاهرة ، 1977م.
( ) ابن حزم ، جمهرة أنساب العرب 185 – 187 ، تحقيق: عبد السلام هارون ، دار المعرف ، القاهرة ، 1977م.
( ) ابن هشام 3/610 .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 9

ونظراً لما بين الفريقين من عداء ، فإن قريشاً " لما فرغت من جهازها للخروج إلى بدر تذكروا الحرب التي بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة ، فكاد ذلك أن يثنيهم فتبدّا لهم إبليس في صورة سراقة بن جعشم المدلجي ، وكان من أشراف كنانة ، فقال أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة بشيء تكرهونه ، فخرجوا
سراعاً"(1). وبالتأكيد فإن قريشاً إضافة إلى خلافهم مع بني بكر يعرفون أن الرسول  وادع بني ضمرة وبني مدلج ، بل وكل قبائل الساحل التي تمر خلالها تجارة قريش . قال مخرمة بن نوفل عن معركة بدر : " لما لحقنا بالشام ( يقصد العير التي كانت بسببها معركة بدر ) أدركنا رجل من جذام ، فأخبرنا أن محمداً كان عرض لعيرنا في بدأتنا ، وأنه تركه مقيماً ينتظر رجعتنا . قد حالف علينا أهل الطريق ووادعهم ، فخرجنا خائفين نخاف الرصد ....."(2)
لقد استطاع النبي  أن يضمن هذه القبائل كلها ويكسبها لصفه ، إما عن طريق إسلام بعضها ، أو بمعاهدة البعض الآخر ، وبذلك فقد ضُربتْ قريش في تجارتها إلى بلاد الشام في الصميم ، وأصبحت غير قادرة على سلوك طريق الساحل ، وأخذت تبحث عن طريق آخر غير طريق الساحل لذا نجدها تحاول سلوك طريق شرقي المدينة .
" كانت قريش قد حذرت طريق الشام أن يسلكوها ، وخافوا من رسول الله  وأصحابه ـ كان ذلك بعد معركة بدر مباشرة ـ وكانوا قوماً تجاراً ، فقال صفوان ابن أمية : إن محمداَ وأصحابه قد عوروا علينا متجرنا ، فما ندري كيف نصنع بأصحابه لا يبرحون الساحل ، وأهل الساحل قد وادعهم ودخل عامتهم معه فما ندري أين نسلك ، وإن أقمنا نأكل رءوس أموالنا ونحن في
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(1) ابن إسحاق ، السير والمغازي 305 ، تحقيق : سهيل زكار ، دار الفكر ، بيروت ، ط1/1398 هـ ؛ ابن هشام 3/611 ؛ الواقدي 1/28 ؛ البلاذري 1/295 ؛ الطبري 2/431 .
(2) الواقدي 1/28 .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 10

دارنا هذه ، مالنا بها نفاق . فقال له الأسود بن المطلب : فنكّب عن الساحل ، وخذ طريق العراق . قال صفوان : لست بها عارفاً . فدلوه على فرات بن حيان العجلي فجاءه ـ صفوان ـ فقال : إني أريد الشام وقد عوّر علينا محمد متجرنا لأن طريق عيراتنا عليه، فأردت طريق العراق . فتجهز صفوان بن أمية وأرسل معه أبو زمعة بثلاثمائة مثقال من ذهب وفضة ، وبعث معه رجلاً من قريش ببضائع، وخرج معه عبد الله بن أبي ربيعة وحويطب بن عبد العزى في رجال من قريش ، وخرج صفوان بمال كثير ، وخرجوا على ذات عرق ". وقد علم النبي  بخبر هذه العير، فأرسل زيد بن حارثة في مائة راكب فاعترضوا لها وأصابوا العير ، وأفلت أعيان القوم وأسروا رجلاً أو رجلين، وقدموا بالعير على النبي صلى الله عليه وسلم مخمساً ، فكان الخمس يومئذ قيمة عشرين ألف درهم (1).
لقد اضطلعت القبائل المحيطة بالمدينة بدور جهادي منذ البداية ، وناصروا النبي ، وكان فخورا بهم واستحقوا ثناء النبي  لهم، فقال عن غفار وأسلم:"غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله "(2) . كان يقول  " إن أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة ومن كان من بني كعب موالي دون الناس ورسوله مولاهم "(3) . وكان  يفتخر بأولئك الصادقين الذين ناصروا الإسلام وآزروا النبي قال الأقرع بن حابس للنبي : إنما بايعك سُرَّاق الحجيج من أسلم وغفار ومزينة وأحسبه وجهينة .. ، قال النبي  أرأيت إن
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
(1) الواقدي 1/197 – 198 ؛ ابن هشام 3/50 ؛ ابن سعد 2/36؛ الطبري 2/492 - 493 .
(2) البخاري مع الفتح 6/626 حديث (3512 ، 3513) كتاب المناقب (باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع) ؛ صحيح مسلم 4/1922 ، 1952 ، 1953 حديث(2473 ، 2514) البخاري مع الفتح 6م626 حديث (3512 ، 3513) كتاب المناقب (باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع) ؛ صحيح مسلم 4/1922 ، 1952 ، 1953 حديث(2473 ، 2514) كتاب فضائل الصحابة (باب فضائل أبي ذر ) ؛ الترمذي ، السنن 5/729 حديث (3941) كتاب المناقب (باب مناقب لغفار وأسلم وجهينة )، تحقيق : ابراهيم عطوي ، مطبعة الحلبي ، القاهرة ، ط2/1395 هـ . وجهينة ، تحقيق : ابراهيم عطوي ، مطبعة الحلبي ، القاهرة ، ط2/1395 هـ .
(3) احمد ، المسند 38/532 حديث (23543) ؛ البخاري مع الفتح 6/626 حديث (3512) كتاب المناقب (باب ذكر أسلم وغفار ) ؛ صحيح مسلم 4/1954 حديث(2519 ، 2520) كتاب فضائل الصحابة (باب فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة ... ) ؛ الترمذي ، السنن 5/728 حديث (3940) كتاب المناقب( باب مناقب لغفار وأسلم وجهينة) .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 11

كان أسلم وغفار ومزينة وأحســـبــه وجــهــيــنـة خـيــراً مـن بني تــميــم وبـني عــامر وأسد

وغـطـفان خـابوا وخسروا قال : نعم ؛ قال : والذي نفسي بيده إنهم لخير منهم " ( ).
القبائل المجاورة للمدينة من الناحية الجنوبية
تعتبر قبيلة سليم حجازية نجدية( ) حيث تمتد ديارها من حدود المدينة الجنوبية مروراً بحرة سليم _ تحف بحمى النقيع من الشرق( )- قال البكري:"وحذاء شوران _ جنوب قباء _ جبل يقال له : مِيطَان ـ فيه بئر يقال لها ضَفّة ـ وهي لبني سليم ... ثم الرُّحَيْضَة:قرية الأنصار وبني سليم ـ وهي من نجد ـ وهي قرية زرع ونخل ـ ماؤها آبار ـ وحذاءها قرية يقال لها : الحَجَرـ لبني سليم خاصّة ـ ماؤها عيون ... وهناك جبل يقال له ذو وِرْلان لبني سليم ـ فيه قُرًى كثيرة تنبت النخل" ( ).
وحذاء أُبْلَى _ وهي جبال على طريق الآخذ من مكة إلى المدينة ـ وفيها مياه كثيرة ـ منها بئر مَعُونة ـ وذو ساعدة ـ وذو جَماَجم ـ أو ذو حَمَاحِم ـ جبل يقال له ذو الموقعة من شرقيها وهو جبل معدن بني سليم ـ ثم الهديبة لبني خفاف - من سليم – ثم ينتهي إلى السوارقية لبني سليم خاصة ـ وتمتد أراضي سليم شرقاً حتى ضريّة ( ) والعُمَق والأفيعية والمسلح وحاذة كلها لبني
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) البخاري مع الفتح 6/627 حديث (3516) كتاب المناقب (باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع) ؛ صحيح مسلم 4/1956 حديث( 2522) كتاب فضائل الصحابة (باب فضائل من فضائل غفار وأسلم وجهينة000 ) ؛ الترمذي ، السنن 5/733 حديث (3952) كتاب المناقب (باب مناقب في ثقيف وبني حنيفة) .
( ) معجم ماستعجم 1/14.
( ) المصدر السابق 4/1325.
( ) المصدر السابق 3/906 – 907.
( ) مناسك 89 – 91. قال البكري:"وحِذاء أُبْلَى من شرقيها جبل يقال له ذو المَرْقَعَة، وهو مَعْدَن بني سُليم" (معجم ما استعجم 1/99).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 12

سليم( ).وتنحدر أراضي سليم جنوباً مروراً بوادي بيضان ـ وقرية صفينة ـ ثم ستارة( ). ونظراً لأن ديار قبيلة سليم تمتد في الأرض المنبسطة من نجد فإنها تختلط بديار بني محارب قرب الربذة ( ).كما تقترب ديارهم شرقاً من طَِخْفَة قرب الرَّبَذة ( ) ـ والأبْرقيين قرب ضريّة حيث ديار بني كلاب ـ وفزارة ـ وعامر بن ربيعة ( ). واللَّعباء بين سليم والرَّبَذة تسكنها فزارة وبنو ثعلبة وبنو أنمار ( ).وذات الأَثْل، وهو موضع بين ديار بني أسد وديار بني سُليم ( ).
وإضافة إلى هذه القبائل المشتركة في هذا الجزء من حدود المدينة الجنوبية الشرقية نجد قبيلة بني عامر، حيث تتقاطع ديارها مع قبيلة بني أسد في الرشِّاء( )، وشَرَوْرَى:جبل بين العمق ومعدن بني سليم ( ).
وتمتد ديار بني عامر شرقاً حتى جبل حَضَن المشهور في أعالي نجد ( )، وشمالاً تلتقي مع طيء في أُراق.
كان من أولويات سياسة النبي  حينما هاجر إلى المدينة عدم استثارة القبائل المجاورة للمدينة، وكان تركيزه مُنصَبًّا على قطع قوافل قريش عبر طريق الساحل، ونجح  في توثيق الصّلاة مع قبائل الساحل، وذلك عن طريق المعاهدات، وفشوّ الإسلام في تلك القبائل.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

( ) أسماء جبال تهامة 39 – 41.
( ) المناسك 79.
( ) المصدر السابق 343.
( ) المصدر السابق 363.
( ) معجم ماستعجم 4/1155.
( ) المصدر السابق 1/107.
( ) المصدر السابق 2/653
( ) المصدر السايق 3/953.
( ) المصدر السابق 2/455.
( ) المصدر السابق 1/134.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 13

وأما قبائل سليم والتي تعتبر من أشهر قبائل العرب لكثرة فرسانها وشعرائها( )، فقد ظلّت بمعزل عن الصراع الدائر بين المسلمين في المدينة وقريش في مكة، وربما كانت علاقة بني هاشم الخاصة مع سليم ( ) سبباً في ذلك الهدوء مع هذه القبيلة.
ولكن هذا الهدوء لم يصمد طويلاً على هذه الجهة، خاصة مع تنامي قوة المسلمين ، وإحساس هذه القبيلة بمدى الخطورة التي تتهددها من جهة المدينة؛ إضافة لعلاقتها المميزة مع يهود المدينة ( )، كل ذلك جعل بعض قبائل سليم تفكّر بالهجوم على المدينة مع بعض قبائل غطفان – جيرانهم من جهة الشمال – وذلك بعد إخراج يهود بني قينقاع من المدينة، فسارع  إلى مفاجأتهم بهجوم مباغت في غزوة (قُرارة الكُدْر) ( ) ، في المحرم من بداية السنة الثالثة من الهجرة، ولم يجد الرسول  سوى النعم، فاستاقها وأسر يسار الذي أسلم وأعتقه ( ).
وبعد ثلاثة شهور أعاد النبي  غزو بني سليم، بعدما سمع أن بها جمعاً يريد الإغارة على المدينة، فخرج بثلاثمائة من أصحابه وأظهر أنه يريد قريشاً ، ووصل إلى بُحْرَان ( ) ناحية الفرع، على الطريق التجارية بين مكة والشام، ولم ينشب قتال بين الفريقين( ).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
( ) ابن حبيب، المنمق 25، تحقيق:خورشيد أحمد، عالم الكتب، بيروت، ط1/1405هـ؛ ابن عبد ريه، العقد الفريد 2/66 – 67,دار الكتاب العربي، بيروت,1403هـ؛الألوسي، بلوغ الأرب 2/189، شرح وتصحيح:محمد بهجة الأثري، دار الكتب العلمية، بيروت.
( ) ابن حبيب، المنمق 43، 143، المحبر 48؛أنساب الأشراف 1/61. أم هاشم بن عبد مناف، عاتكة بنت مرة السلمية.
( ) الأصفهاني، الأغاني 14/316، مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، ط1/1357هـ.
( ) ويقال قرقرة الكُدْر:وهي بناحية معدن بني سُليم قرب الأرْحَضِيّة وراء سد معونة، وبين المعدن والمدينة ثمانية برد.(ابن سعد، الطبقات الكبرى 2/31).
( ) الواقدي 1/182 – 183؛ابن سعد، الطبقات الكبرى 2/31؛أنساب الأشراف 1/310.
( ) بُحران:معدن بالحجاز من ناحية الفرع.(ابن هشام 3/46).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 14

كان للنتائج العسكرية لمعركة أحد انعكسات سلبية على المسلمين من القبائل المجاورة للمدينة، فقد تجرأت قبائل لحيان وهذيل للإيقاع بسرية عاصم بن ثابت وأصحابه في موضع يقال له الرجيع ( )، فقتلوهم إلا اثنين هما خبيب بن عدي، وزيد بن الدّثنة ، أسروهما وباعوهما إلى قريش فقتلا( ).
كما غدرت بنو سليم بسبعين من خيرة الصحابة رضوان الله عليهم في موضع يقال له بئر معونة( ) . وذلك بالتآمر مع حلفائهم بني عامر( )، فقتلوهم، ونظراً لفداحة المصيبة التي لحقت بالمسلمين ، قنت النبي شهراً كاملاً يدعو على رعل وذكوان وعُصيّة – من بني سليم – وبني لحيان( ).
وكان لهاتين الحادثتين وقع أليم في نفس النبي ، و المسلمين في المدينة، وبدأ النفاق يرفع رأسه من جديد ، ووجد اليهود الفرصة سانحة لإيقاع الفتنة في المدينة والتآمر على حياة النبي  ، فعوّض الله المسلمين بنصر خاطف على
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

هو جبل يضرب إلى الخضرة والسمرة، بين وادي حَجْر المعروف قديما بالسائرة، ومَرّ عُنَيب المعروف اليوم بمرّ وبوادي رابغ، يقع بحران عند التقائهما، يفترقان عنه. شرق مدينة رابغ على (90) كيلا. وهو في ديار زُبيد من حرب.(معجم المعالم الجغرافية 40).
( ) الواقدي 1/196؛ابن سعد 2/35 – 36؛أنساب الأشراف 1/311.
( ) الرجيع: ماء لبن لحيان من هذيل بناحية الحجاز بين مكة وعسفان، على صدور الهَدأة. (ابن هشام 3/170؛معجم ما استعجم 2/641-642).
وهو ماء يعرف اليوم باسم الوطية، يقع شمال مكة على قرابة سبعين كيلا، قبيل عسفان الى اليمين في طرف شامية ابن حمادي من الشمال، بسفح حرة بني جابر الجنوبي. (معجم المعالم الجغرافية 138).
( ) ابن هشام 3/169؛ الواقدي 1/354؛ابن سعد 2/55 – 56؛البخاري مع الفتح 7/437، رقم 4086، كتاب المغازي، باب:غزوة الرجيع.
( ) هي ماء من مياه بني سليم ، وهي بين بني عامر وبني سليم(ابن هشام 3/184؛الواقدي 1/347).
قال البلادي:"بئر معونة، كانت بلحف أُبلى وأُبلى، سلسلة جبلية سوداء تقع غرب المهد(معدن بني سليم قديما) الى الشمال، وتتصل غربا بحرة الحجاز العظيمة، وهي اليوم ديار مطير".(معجم المعالم الجغرافية 53).
( ) معجم ماستعجم 4/1202.
( ) عبد الرزاق، المصنف 5/382 – 383؛ابن أبي شيبه، المصنف 14/455؛ الطحاوي، شرح معاني الآثار 1/241-247، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1/1399هـ؛ ابن هشام 3/183
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 15

يهود بني النضير ( )، وتم إخراجهم من المدينة، فاسترد المسلمون شيئاً من هيبتهم ومكانتهم في داخل المدينة وخارجها.
واستكمالاً لهذا النصر العاجل بادر النبي صلى الله عليه وسلم للخروج إلى بدر الموعد، حيث واعد قريشاً هناك بعد انتهاء معركة أحد( ), فأقام في بدر ثمان ليال ، والناس مجتمعون في الموسم، وخرج أبو سفيان بقريش حتى بلغ عسفان، ثم رجع بقريش بحجة الجدب، وفي بدر جاء مخْشي بن عمرو سيد بني ضمْرة : النبي  وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودّان، فقال:"يا محمد، أجئت للقاء قريش على هذا الماء؟ فقال:نعم يا أخا بني ضمرة، وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك؟ ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك، قال:لا والله يا محمد، مالنا بذلك منك حاجة"( ).
لقد أدركت سليم مثلها مثل قريش وقبائل غطفان واليهود خطورة الإسلام والمسلمين على كيانهم الجاهلي، فاستجابوا لدعوة زعماء يهود خيبر بمهاجمة المسلمين في المدينة، وشاركت سليم بسبعمائة مقاتل يقودهم سفيان بن عبد شمس حليف حرب بن أمية، واشتركوا في حصار المدينة مع الأحزاب في غزوة الخندق في السنة الخامسة من الهجرة( ).
لم تحقق هذه الغزوة أهدافها، وفشلت فشلاً ذريعاً، وانتصر المسلمون بعد هذا البلاء، وقضوا على الوجود اليهودي في المدينة.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

( ) انظر عن غزوة بني النضير:ابن هشام 3/190؛الواقدي1/363؛ابن سعد 3/57 – 58؛البخاري مع الفتح 7/383 رقم:4028 كتاب المغازي، باب:حديث بني النضير؛أنساب الأشراف 1/339.
( ) ابن هشام 3/94؛الواقدي 1/297؛أنساب الأشراف 1/327.
( ) ابن هشام 3/210؛الواقدي 1/388.
( ) الواقدي 2/442؛ابن سعد 2/66؛أنساب الأشراف 343؛البيهقي، دلائل النبوة
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 16

وسارع  لاستثمار النصر والانتقام لدماء المسلمين الذين غُدر بهم في الرّجيع، فبادر إلى مفاجأة بني لحيان في غُرَان( )، في السنة السادسة من الهجرة، فهربوا في رؤوس الجبال، وبث سراياه بين أمج( )وساية( ) وعسفان، وأدخل الرعب في قلوب قريش وهذيل وسليم( ).
وبعد شهراً تقريباً أرسل  سرية خاطفة لبني سليم بقيادة زيد بن حارثة، فأصابت السرية نعماً وشاءً وأسرى، وعادت إلى المدينة سالمة( ).
وعقب صلح الحديبية تفرّغَ النبي  لأعدائه اليهود في خيبر، ولحلفائهم من قبيلة غطفان، وانتشر الإسلام في أنحاء الجزيرة.
ودخلت قبائل من بني سليم وغطفان، وبقيت بعض قبائل سليم على كفرها وعنادها، وأرسل النبي  سرية صغيرة بقيادة أحد أفراد قبيلة سليم وهو ابن أبي العَوْجَاء السلمي إلى بني سليم، ووجدت السرية استعداد القبيلة للمواجهة، فدعاهم ابن أبي العوجاء إلى الإسلام، فرفضوا وقُتل عامة السرية، وأصيب ابن
أبي العوجاء ، ثم تحامل ومن معه حتى قدموا المدينة في صفر سنة ثمان(5).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

( ) غُرَان:واد بين أَمْج وعُسْفان، وتبعد عن عسفان خمسة أميال، وهي منازل بني لحيان..(ابن هشام 3/280؛ابن سعد 2/79؛معجم ماستعجم 3/992).
يبعد غران عن مكة 87 كيلا ، بع ثنية غَزَال مباشرة.(معجم المعالم الجغرافية 225).
( ) أَمَج وغُرَان:واديان يأخذان من حرّة بني سليم وفرغان في البحر.(معجم البلدان 1/250).
ويعرف اليوم بخُليص، واد زراعي على مائة كيل من مكة شمالا .(معجم المعالم الجغرافية 32).
( ) ساية:اسم واد من أودية الحجاز، بين حرتين، به قرى كثيرة، وطرق ، وفي أعلاه قرية يقال لها الفارع.(معجم البلدان 3/180).
( ) قال البلادي:"ساية:واد كثير القُرى والزروع، يسى أسفله المرواني، ثم خليص (أمج قديما) أي أن ساية وخُليص واديهما واحد، أعلاه ساية وأسفله خليص، تبعد قاعدة ساية (120) كيلا شمال مكة، شرق خليص، واسمها (الكامل) وأهلها بنو سليم بن منصور".(معجم المعالم الجغرافية 225).
( ) ابن هشام 3/279 – 280؛الواقدي 2/535 – 537؛ابن سعد 2/78 – 80؛أنساب الأشراف 348.
(5) ابن هشام 3/612؛ابن سعد 2/123؛أنساب الأشراف 379.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 17

ولم تنتصف السنة الثامنة من الهجرة إلا ودخلت غالب قبائل سليم في الإسلام، ولذا فقد لبّوا نداء النبي  في غزوة فتح مكة، لقي بنو سليم الرسول  في قديد وكان عددهم ألف مقاتل(6).
قال عباس(7) بن مرداس السلمي في فتح مكة:
منّا بمكة يومَ فتحِ محمدٍ
نصروا الرسولَ وشاهَدُوا أيَّامَهُ
في مَنزلٍ ثبتَتْ به أقْدامُهُم جَرّتْ سَنَابِكها بنجْـدٍ قبـْلَها ألْفٌ تسيلُ به البطاحُ مُسَوَّمُ
وشعارُهُم يومَ اللِّقاءِ مُقـدَّمُ
ضَنْكٍ كأنّ الهامَ فيه الحَنْتَمُ
حتى استقاد لها الحجازُ الأدهمُ (1)
واشتركوا مع النبي  في غزوة حنين، فقال شاعرهم وفارسهم:العباس بن مرداس أيضاً:
وعلى حُنينٍ قد وفَى من جمْعِنا
كانوا أمــامَ المؤْمنين دَرِيئَةً
نَمْضِي ويَحْرُسُنا الإلهُ بحفْظِه
ولقد حُبِسْنا بالمَنَاقِب مَحْبِساً ألْـفٌ اُمِدّ به الرّسولُ عَرَنْدَسُ(2)
والشّمْسُ يومئذ عليهم أشْمُسُ
اللهُ ليسَ بضائع من يَحْرُسُ
رَضِيَ الإلهُ بِـهِ فَنِعْـمَ المحْبِـسُ(3)
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(6) ابن هشام 3/400؛الواقدي 2/799؛ابن سعد 1/307 -309، 2/135.
(7) عباس بن مرداس السلمي، أبو الهيثم السلمي، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم الفتح وحُنينا، حدّث عن النبي صلى الله ، ويقال أنه ممن حرّم الخمر في الجاهلية، وهو قائل أشجع بيت قالته العرب:
أُكرُّ على الكتيبة لا أُبالي أحَتْفِي كان فيها أم سُواها=
=وكان ينزل البادية بناحية البصرة.
( ابن قتيبة، الشعر والشعراء 184، تحقيق:مفيد قميحة – نعيم زوزور، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2/1405هـ؛الأغاني 14/302؛ الإصابة 3/633 – 634 ).
(1) ابن هشام 3/426.
(2) عرندس:الأسد الشديد، وكذلك الجمل(لسان العرب6/138. مادة (عربس).
(3) ابن هشام 3/468.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 18

ولعلّ من الدلائل على حسن إسلام بني سليم، ومتابعتهم للنبي صلى الله عليه وسلم موقفهم من سؤال النبي  الناس أن يردوا سبايا قبيلة هوازن - بُعيد معركة حنين - فقالت سُليم ما كان لنا فهو لرسول الله(4).
القبائل المجاورة للمدينة من الناحيتين الشرقية والشمالية
كانت قبيلة غطفان تهيمن على أنحاء المدينة الشرقية والشمالية، و تضم عدة قبائل مثل قبيلة: أشجع، وذبيان، وفزارة، وأنمار، وبنو محارب، وبنو ثعلبة، وعبس، وبنو مرّة بن عوف(5).
وتختلط قبائل حلفائهم بني أسد(1) في بعض مواضع أنحاء المدينة الشرقية، وكذلك قبائل بني كلاب.
ففي أقصى حدود منطقة المدينة الجنوبية الشرقية يوجد مكان أسمه "ضرية"، تلتقي عنده عبس، وبنو أسد، وبنو كلاب(2). وبجوار ضرية جبلة لبني نُمير وبني كلاب(3).
وأما الرّبذة فهي أرض بني محارب، وثعلبة(4),وبين القُهْب والربذة نحو من بريد، وهي في ناحية ديار بني ثَعْلبة، وبني أَنْمَار، وأقرب المياه لها الجَفْر(5)، ومُغِيثة الماوان لبني مُحارب(6), وفوق الرّبَذة واد ذي بَقَر لبني أسد(7).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------
(4) ابن هشام 4/489؛ الواقدي 3/953؛ابن سعد 2/153؛أحمد، المسند 11/612رقم(7037) وقال المحقق:إسناده حسن.
(5) ابن الكلبي، جمهرة النسب 406 – 457؛ابن حزم، جمهرة أنساب العرب 249 – 260.
(1) قالوا: ليس في بني أسد إلا خطيب، أو شاعر، أو قائف، أو زاجر، أو كاهن، أو فارس.
وقال عمر بن عبد العزيز: ما كلّمني رجل من بني أسد إلا تمنّيت أن يُمدَّ له في حجته حتى يكثر كلامه فأسمعه". (البيان والتبين 1/174).
(2) معجم ما ستعجم 3/864، 866.
(3) المصدر السابق 2/365؛ الجاسر، أبو علي الهجري وأبحاثه في تحديد المواضع 252 – 284.
(4) المصدر السابق 2/633، 635 – 636.
(5) المصدر السابق 2/634.
(6) اليعقوبي، البلدان 312.
(7) المصدر السابق 1/263 – 264
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 19
وتمتد ديار أسد شرقاً حتى تلاقي ديار بني عامر في الرشاء(8) ، كما تتقاطع ديارهم أيضاً مع بني عامر في شَرَوْرَى(9) – جبل بين العمق والمعدن في طريق مكة إلى الكوفة - . وتصل منازل بني أسد حتى أُثال بالقصيم(10).
كما تتداخل أراضي بني عبس وبني عامر في سُقْف(11). ونظراً لهذا التداخل في ديار قبيلتي غطفان و هوازن فقد حدّد الجغرافيون العرب أرض هوازن في نجد مما يلي اليمن، وأرض غطفان مما يلي الشام(12).
وأما قبيلة فَزَارة فتسكن جَنَفَاء، والنُّقْرة، والحِسْىَ ببطن وادي الرُّمَّة, والحاجر، والجريب (1).
وتعتبر ساجر(2) حداً فاصلاً بين غطفان وتميم(3)، كما تتداخل قبيلة غطفان مع بني أسد في جبل الخال من وراء النُّقْرة(4)، ومن ورائها النّبَاج لبني أسد(5).
وتعد طِلال وطُمَيّة من أرض غطفان , ومن النَّقرة شمالاً تتداخل أراضي أشجع وفزارة، فقرية نخل(6) – بواد يقال له شَدَخ – لفزارة وأشجع(7)، ووادي
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(8) المصدر السايق 2/653. قال سُحَيْم العَبْد:
ونحن جلَبْنا الخَيْل من جانبِ المَلاَ إلى أن تَلاَقَتْ بالرِّشاءِ جُنُودها
(9) المصدرالسايق 3/794.
(10) المصدر السابق 2/554.
(11) المصدر السابق 3/742.
(12) المصدر السابق 3/953.
(1) المصدر السابق 2/398، 417.قال الحصين بن الحمام المرّي:
منازلُنا بين الجريب إلى الملا إلى حيثُ سالتْ في مدافِعَها نَخْلٌ
(معجم ماستعجم 2/378 – 380) ؛وانظر:اليعقوبي، البلدان 312.
كان عيينة الفزاري – زعيم غطفان – ينهى عمر رضي الله عنه عن إدخال العلوج إلى المدينة، وقال: كأني برجل منهم قد طعنك هنا، ووضع يده تحت سُرّته، وهو الموضع الذي طُعِن فيه. فلمّا طعنه أبو لؤلؤة لعنه الله قال:إن بين النّقرة والحاجر لرأياً. (معجم ما استعجم 2/417).
(2) ساجِر: ماء باليمامة بوادي السرّ.(معجم البلدان 3/169).
(3) معجم ما ستعجم 3/712.
(4) المصدر السابق 2/484. قال امرؤ القيس:
ديارُ سُعْدَى دارساتٌ بذي خالِ أَلَحَّ عليها كلُّ أسْحَمَ هَطّالِ
(المصدر السابق 2/484).
(5) المصدر السابق 2/714.معجم البلدان 5/255 – 256.
(6) على ليلتين من المدينة، قال السكوني:هو ماء بين القَصّة والثاملية، وبها ينزل المصدِّق الذي يُصدِّق خُضْرَ مُحَارب.(معجم ما استعجم 4/1303).
ويذهب الجاسر إلى أنّ نخل هي (الحناكية) الآن – 120كم شرقا عن المدينة - . (الحازمي، الأماكن 2/883).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 20

الأسحن - قرب فَدَك – لفزارة وحدها (8)كما تمتد أراضي فُزارة إلى الشمال الغربي حتى الجَنَاب، وبعدها أرض كَلْب(9) وتشترك ذُُبْيَان مع أشجع في ذَيَالة:قُنّةٌ من قُنن الحرّة – بين نخل وخيبر(10)، وحُلَيْف(11)– جبل قرب خيبر -.
وتمتد ذبيان شمالاً حتى شَرَاف(12)وأرِيك(13).
ويفصل رَمْلُ عَالِج بين طيء وغطفان، فعَالج يصل إلى الدّهناء، وينقطع طَرَفه من دون الحجاز، حجاز وادي القُرَى وتيماء، وأكثر أهل عالج طيء وغطفان، فأمّا طيء فهم عن يمينه ممّا يلي مهبّ الجنوب، حتى يُجَاوز جَبَلَيْ طيء مسيرة ليال، ثم تلقاك فَزَارَة ومُرَّة وذُبْيَان، في الطرف الغربي، ولقُضَاعَة مايلي الشام ومَهَبّ الشّمال من رمل عالج(1) وأما فَدَك – الواقعة على مسيرة يوم من النَّقِرة – فأكثر أهلها أشجع(2)وكذلك الرَّقْمَتَيْن دون فَدَك ، وكذا الحُراَضَة، وخيبر، وجبل الأشْمَذ، ومن دونها الصَّهْبَاء كلّها لأشجع(3).
كما تمتد ديار أشجع من شمال المدينة حيث البَيْضَاء، وتختلط ديارها مع جهينة في إضَم(4).
وتمتد ديار مُرّة شمال أشجع، حيث عُلْكَدْ(5)وذو العُشّ(6) شرقاً حتى يَمْئُود بأعلى الرّمة(7)دَارَةُ مَوْضُوع بين ديار بني مُرّة وشيبان(8)
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

وهناك قرية في أعلى وادي الحناكية تسمى (النّخيل) ، وقد ذكرها ابن سعد (2/34)؛و الحازمي فقال:"النُّخَيل عينٌ قرب المدينة، فوق نخلٍ على خمسة أميال" (الأماكن 2/882 – 883).
(7) معجم ما استعجم 4/1303.
(8) أخبار المدينة 1/225.
(9) الأماكن 2/886.
(10) المصدر السابق 2/619.
(11) المصدر السابق 2/619.
(12) المصدر السابق 3/788.
(13) المصدر السابق 1/114.
(1) المصدر السابق 3/914.
(2) المصدر السابق 3/1015؛المناسك 294.
(3) لمصدر السابق 1/، 159، 329، 2/522 ، 3/1016.
(4) المصدر السابق 1/329 – 330.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 21

لقد أدرك الرسول  أن من مصلحة الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة، عدم الدخول في حروب جانبية مع القبائل المحيطة بالمدينة، ولم يغفل النبي  عن كسب هذه القبائل بالإحسان إليها تارة، والتحالف معها تارة أخرى، كما حدث للقبائل الساحلية من المدينة.
ولعل من الأمور الحسنة التي أرادها الله للمسلمين من أجل تحقيق أهدافه العليا والسامية، هي تلك العلاقات المتوترة بين القبائل أو حتى بين القبيلة نفسها، فبالرغم من الأحلاف القائمة بين غطفان وأسد وطيء(1)وبين سليم وبني عامر(2) إلا أن هذا لم يمنع الحروب الطاحنة بينها(3)مما جعل من الاستحالة توافق هذه القبائل على غزو المسلمين في المدينة.
فقد نشبت الحروب بين عشائر غطفان بينها وبين بطون خَصَافة – هوازن وسليم- واستمر التنافس بين عشائر غطفان وعشائر خَصَافة إلى ظهور الإسلام، وتميّز بحوادث الفتك والاغتيالات(4).

--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(5) المصدر السابق 3/964.
(6) المصدر السابق 3/944.
(7) المصدر السابق 4/1400.
(8) المصدر السابق 2/538.
(1) مسلم 4/1955 - 1956 (2521)؛الترمذي الترمذي ، السنن 5/733 حديث (3952) كتاب المناقب (باب مناقب في ثقيف وبني حنيفة) ؛ معجم ما استعجم 2/1306، 4/1306.
سأل معاوية شيخاً من بقايا العرب: أي العرب رأيتَه أضخم شأنا؟ قال: حِصن بن حُذيفة رأيته متوكئاً على قوسه يقسم في الحليفين أسد وغطفان .(الجاحظ، البيان والتبين 3/9، تحقيق:عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط4/1395هـ).
(2) معجم ما استعجم 4/1202.
(3) مثل الصراع بين بني عامر وأسد (معجم ما استعجم 2/640)؛وبين عبس وذبيان وبني عامر(ابن دريد، الاشتقاق 72، تحقيق:عبد السلام هارون، دار الميسرة، بيروت، ط2/1399هـ؛معجم ما استعجم 1/ 226، ابن الأثير ، الكامل 1/644)؛وبين بني عامر وعبس (معجم ما استعجم 4/1317)؛وبين بني عامر وأسد وفزارة (معجم ما استعجم 2/417، ابن الأثير ، الكامل 1/641)؛وبين طيئ وأسد (ابن الأثير، الكامل 1/626؛ الأغاني 21/90)؛وبين عبس وبني مرة (المصر السابق 1/556)؛ وبين عبس وذبيان (المصر السابق 1/ 566؛ الأغاني 11/131)؛ وبين عبس وتميم (المصر السابق 1/638)؛ وبين عبس وطيئ (الأغاني 8/239)؛ وبين بني عامر وغطفان (المصر السابق 1/646، 640؛ الأغاني 10/11)؛ وبين غطفان وأسد (المحبر 248)؛ وبين قبائل طيئ نفسها (المصر السابق 1/635)؛وبين غطفان وطيئ (الأغاني 17/259)؛وبين غطفان وقُضاعة (الأغاني 19/15).
(4) جواد علي، المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام 4/255، دار العلم للملايين، بيروت ط1/1970م.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 22

وتمثل غطفان أهم قبائل قيس، وكانت العرب تعدها في الذؤابة من الشرف، وهي من قيس بمنزلة الرأس من الجسد(5)، وتعتبر أحد أثافي العرب(6)، بسب كثرتها، وشجعانها وشعرائها(7).
ولمكانة هذه القبيلة، فقد كان الخلفاء يتزوّجون منهم(8) .
أحدث انتصار المسلمين على قريش في بدر، وقْعاً مدوياً على قبائل غطفان وغيرها في شرق المدينة، وتنبّهوا لهذا الخطر الجديد، كما كان للعلاقات المميزة بين غطفان وسليم ويهود المدينة أثر كبير في تحريك هذه القبائل(1).
فأخذ بنو مُحَارب وبنو ثعْلَبة يجمعون الجموع بذي أَمَرّ، ناحية النُّخيل في غرة السنة الثالثة من الهجرة، فخرج لهم النبي  بأربعمائة وخمسين من أصحابه، فوجدهم قد فرّوا لرؤوس الجبال، فأقام  قرابة الشهر، لإظهار قوة المسلمين، وتحدّيهم لتلك القبائل(2).
و حينما غيّرت قريش خط سير قوافلها من غرب المدينة – طريق الساحل – إلى شرق المدينة، وجّه الرسول  ضربة قاضية، لمحاولة قبائل غطفان إجارة قوافل قريش، فأرسل سرية زيد بن حارثة على رأس ثمانية وعشرين شهرا من مهاجره الشريف إلى القَرَدَة من أرض نجد بين الرَّبَذَة والغَمرة، ناحية ذات عِرْق، فأصابت السريّة القافلة، وفيها أموال قريش(3).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(5) المنمق 25.
(6) ابن حبيب، المحبر 234، تحقيق: إيلزه ليختن، دار الآفاق الجديدة، بيروت.
(7) من أبطالها عنترة العبسي وكفى به فخرا في الشجاعة والإقدام والشعر، ومن شعرائها النابغة الذبياني شاعر العرب.وهَرم بن قُطْبة كان من حكماء العرب المشهورين.
قال عمر بن الخطاب للحُطيئة:كيف كنتم في حربكم؟ قال:كنا كألف فارسٍ حازمٍ. قال: وكيف يكون ذلك؟ قال: كان قيس بن زُهَيْر فينا وكان حازماً فكنّا لا نعصيه. وكان فارسنا عنترة فكنّا نحمِِل إذا حمل ونُحْجِم إذا أحجم. وكنا فينا الرَّبيع بن زِياد وكان ذا رَأْي فكنا نستشيره ولا نُخالِفه. وكان فينا عُرْوة بن الوَرْد فكنّا نأتمّ بشعره، فكنا كما وصفتُ لك. فقال عمر: صدَقت.(الأغاني 8/244).
(8) الأغاني 12/261، 263، 273.
(1) (ابن هشام 3/201؛ ابن سعد 1/58؛الواقدي 1/368؛ الأغاني14/316.
(2) ابن هشام 3/46؛ الواقدي 1/193 – 196؛ابن سعد 2/34 – 35.
(3) انظر تخريجه ص12. فقال حسّان بن ثابت:
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 23

لم تسكت قبائل أسد على تحدي رسول الله لتلك القبائل، واستغلوا ما أصاب المسلمين في معركة أحد، وظنّوا أن الفرصة أصبحت سانحة لتحقيق انتصار سريع، فسار زعيمهم طليحة وأخوه سلمة ابنا خُويلد بقومهم بني أسد ومن أطاعهما يدعوانهم لحرب رسول الله  .
وكان من سياسته  في حروبه، مباغتة أعدائه ومفاجأتهم قبل اكتمال جمعهم، فدعا رسول الله  أبا سلمة وعقد له لواءً، وبعث معه مائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار – وكان ذلك بعد معركة أحد بشهر - وقال:سر حتى تنـزل أرضَ بني أسد، فأغِر عليهم قبل أن تَلاقى عليك جموعهم، فخرج فأغذّ السير ونكّب عن سَنَن الطريق، وسبق الأخبار.
وانتهى إلى أدنى قَطَن(1) - ماء من مياه بني أسد - ، فأغار عليه ، وشتت شملهم، وقبض على الكثير من أموالهم، ورجع بهم إلى المدينة(2).
وبعد الانتصار الساحق الذي تحقق للمسلمين بإخراج يهود بني النضير، حقد حلفاؤهم من بني غطفان، وبلغ رسول الله  أنّ أنماراً وثعلبة قد جمعوا لهم الجموع(3)، فخرج بعد غزوة النضير بأصحابه، حتى أتى محالهم بذات
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

دَعُو فَلَجاتِ الشامِ قد حال دونها
بأيدي رجال هاجروا نحو ربِّهم
إذا سَلكتْ للغَوْر من بَطْن عـالِجٍ جلادٌ كأفواه المَخاض الأوارك
وأنصارِه حقّا وأيدي الملائكِ
فقُـولا لهـا ليـس الطـرقُ هنـالـكِ
(ابن هشام 3/50 – 51؛ الواقدي 1/390).
(1) قَطَن: جبل بنجد، في بلاد بني أسد، على يمينك إذا فارقتَ الحجاز وأنت صادرٌ من النقْرَة. (معجم ما استعجم 3/1083).
قال البلادي:
قَطَن:جبل مازال معروفاً على الضفة اليسرى لوادي الرمة، يمر به الطريق من المدينة إلى القصيم، ويُرى قطن من الطريق عن قرب، على قرابة (330) كيلاً من المدينة.(معجم المعالم الجغرافية 255).
(2) ابن هشام 4/612؛ الواقدي 2/340؛ابن سعد 2/50.
(3) وعند ابن حبان من رواية جابر:"خرجنا نتلقّى عيراً لقريش أتت من الشام، حتى إذا كنّا بنخل...).(الإحسان 7/136(2882)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1/1408هـ).وقال المحقق :إسناده صحيح.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 24

الرّقاع(4) – وهو جبل فيه بقع حمر وسود وبيض قريب من النخيل بين السّعد والشّقرة (5)– فوجدهم قد هربوا لرؤوس الجبال(6).
لم يكْتف الرسول  بالخروج إلى المناطق الشرقية القريبة من المدينة، بل خرج بجيش المسلمين إلى دُومَة الجَنْدل – بينها وبين المدينة خمسة عشرة أو ستة عشرة ليلة – ، حينما بلغه أنّ فيها جمعاً يظلمون الناس، ويريدون أن يدنوا من المدينة.
وكان خروج الرسول  على رأس تسعة وأربعين شهراً من مهاجره، في ألف من المسلمين، يسير الليل ويكمن النهار، ففاجأهم بعد أن تفرّق جمعهم فأصاب من أصاب، وهرب من هرب في كل وجه، وجاء الخبر أهل دُومَة الجندل فتفرّقوا، ونزل رسول الله  بساحتهم فلم يجد بها أحداً، فأقام بها أياماً وبثّ السرايا وفرّقها فرجعت ولم تصب أحداً(1).
والمهم في هذه الغزوة التأكيد على قوة المسلمين، باختراقها لأراضي غطفان، وأسد وطي وكلهم حلفاء، دون أن يتجاسر أحد على مهاجمة جيش المسلمين.
ولم يغفل  عن الهدف العظيم الذي يسعى إليه، وهو هداية هذه القبائل، وترغيبها في الإسلام، فوادع زعيم غطفان عُيَينة بن حصن، وسمح له بالرعي

--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(4) وقيل سمّيت بذات الرّقاع، لأن بعض الصحابة كانوا يلفّون أقدامهم بالخرق .(البخاري مع الفتح 7/481 (4128) كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرّقاع ).
قال ابن هشام: وإنما قيل لها غزوة ذات الرّقاع، لأنّهم رقّعوا فيها راياتهم، ويقال ذات الرّقاع:شجرة بذلك الموضع، يقال لها ذات الرقاع. (السيرة 3/204)، وقال ابن حبان:سمية بذلك بسب ألوان خيل المسلمين، كان بها سواد وبياض.(فتح الباري 7/483).
(5) الواقدي 1/395؛ابن سعد 2/61.
(6) ابن هشام 3/204؛الواقدي 1/396؛ابن سعد 2/61.
لقد اختلف في تاريخ هذه الغزوة، فذهب البخاري: إلى أنها بعد غزوة الخندق بسبب صلاة الخوف، وبسبب مشاركة أبي موسى الأشعري، الذي لم يصل هو وأصحاب الحبشة إلا بعد معركة خيبر، بينما يذهب ابن هشام والواقدي وابن سعد إلى أنها قبل الخندق.(انظر بتوسع مناقشة ذلك عند مهدي رزق الله، السيرة النبوية الصحيحة 424).
(1) ابن هشام 213؛ الواقدي 1/403؛ابن سعد 2/62
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 25

في تَغلَمَين وما والاه إلى المََرَاض(2)، وكان ما هناك قد أخصب وبلاد عيينة قد أجدبت(3).
أدرك يهود خيبر بعد ذلك أن استئصال المسلمين لا يكون إلا بتحالف كبير بين قريش ، وقبائل غطفان وأسد وسليم، ولذا فقد سعوا بتأليب هذه القبائل كلها، ونجحوا في حشد عشرة آلاف حاصروا المدينة في غزوة الأحزاب (الخندق).
واستطاعوا إقناع غطفان في المشاركة في هذه الحملة مقابل إعطائهم نتاج خيبر من الثمار(1).وقد اشتركت ثلاثة قبائل من غطفان: بنو فُزارة في ألف مقاتل يقودهم عُيَيْنَة(2) بن حِصْن، وخرجت أشجع وقائدها مسعود(3) بن رُخَيلة وهم أربعمائة، وخرجت مُرّة وهم أربعمائة يقودهم الحارث(4) بن عوف.(5)
وعسكر هؤلاء بمنطقة إلى جانب أحد(6).
ومع اشتداد الحصار فكّر  بطريقة يشتت فيها هذه الجموع، فعرض على غطفان ثلث تمر المدينة في مقابل الانسحاب من الأحزاب، فوافقت غطفان

--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(2) تغلمين من المراض على ميلين، والمراض على ستة وثلاثين ميلا من المدينة على طريق الرّبذة. (ابن سعد 2/63).
قال يعقوب:تَغْلَم:بين نَخْل وبين الطَّرَف، دون المدينة بمرحلة، وهما جبلان يقال لهما التغلمان. قال: والمَرَاض: وادٍ فوق التّغْلمين.(معجم ما استعجم 1/236).
(3) ابن سعد 2/63.
(1) الواقدي 2/443؛أنساب الأشراف 1/343؛ وعند موسى ابن عقبة: نصف التمر.(البيهقي، دلائل النبوة 3/399).
(2) عُيينة بن حصن بن حُذيفة بن بَدْر بن عمرو بن جُوَيّة الفزاري، أبو مالك. يقال كان اسمه حذيفة فلقّب عيينة، لأنّه كان أصابته شجّة فجحظت عيناه.أسلم قبل الفتح وشهدها، وشهد حُنيناً، والطائف، كان ممّن ارتد في عهد أبي بكر، ومال إلى طلحة، فبايعه، ثم عاد إلى الإسلام‘ وعاش إلى خلافة عثمان.(الإصابة 4/767).
(3) مسعود بن رُخَيلة بن عائذ بن مالك الأشجعي، كان قائد أشجع يم الأحزاب ، ثم أسلم بعد غزوة الخندق وحسن إسلامه، وقد ارتحلت أشجع كلها ، ونزلت في المدينة، وشهدت مع النبي  جميع مغازيه بعد ذلك.(ابن سعد1/306- 2/66؛ ابن شبة، أخبار المدينة 1/267 ؛الإصابة 6/98).
(4) الحارث بن عوف بن أبي حارثة المرّي، أحد الفرسان في الجاهلية، وأحد الكرماء المشهورين، وهو الذي شارك خارجة بن سنان في تحمّل دماء حرب داحس والغبراء بين بني عبس وفزارة ، تأخر إسلامه .(الإصابة 1/590).
(5) الواقدي 2/443؛ابن سعد 2/66؛.وعند ابن هشام 3/214.مع بعض الاختلاف، حيث ذكر مِسْعر بن رُخيلة الأشجعي ، والصحيح ما أثبتناه من الواقدي وابن سعد.
(6) الواقدي 2/444، 455
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 26

على هذا العرض، ولكن زعماء الأنصار رفضوا ذلك بعد استشارة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم وقال(7)سعد بن معاذ و سعد بن عبادة : يارسول الله : إنْ كانوا لَيأكلون العِلْهِز(8) في الجاهلية من الجَهْد، وما طمعوا بهذا منّا قط، أن يأخذوا تمرةً إلا بشرىً أو قِرىً! فحين أتانا الله تعالى بك، وأكرمنا بك، وهَدَانا بك نُعطي الدّنية! لا نعطيهم أبداً إلا السيف! فقام عُيينة والحارث بن عوف وهما يقولان: ما نرى أن نُدرك منهم شيئاً... والله ما حضرت إلا كُرْهاً لقوم غلبوني، وما مُقامنا بشيء، وقال عيينة: إنا والله ما جئنا ننصر قريشاً، ولو استنصرنا قريشاً ما نصرتْنا ولا خرجت معنا من حرمها. ولكن كنت أطمع أن نأخذ تمر المدينة فيكون لنا به ذِكْر مع مالنا فيه منفعة الغنيمة، مع أنّا ننصر حُلفاءنا من اليهود فهم جلبونا إلى ما هاهنا(1).وتبين من هذا أن قبائل غطفان لا تقاتل المسلمين عن مبدأ ، وأن همها الوحيد الحصول عن الغنيمة .
واستطاع نُعيم بن مسعود الأشجعي الذي أسلم أثناء غزوة الخندق، أن يزعزع الثقة بين اليهود والأحزاب(2) فرجعوا مخذولين إلى ديارهم .
وقد كانت أشجع من أشد الناس على المسلمين(3)، ولكن نتائج الخندق، والنصر الذي تحقق للمسلمين، وإسلام نُعيم بن مسعود، وقربهم من المسلمين كل ذلك جعل أشجع تأتي إلى الرسول  بعد الخندق مباشرة، يقودهم مسعود بن رخيلة في سبعمائة، ونزلوا قرب ثنية الوداع في شعب من جبل سلْع، فخرج إليهم رسول الله  بأحمال التمر، فقال: يا معشر أشجع، ما جاء بكم؟ قالوا: يا
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(7) ابن هشام 3/223؛الواقدي 2/478؛ابن سعد 2/73؛ ابن أبي شيبة، المصنّف 14/420؛الهيثمي، مجمع الزوائد6/132؛أنساب الأشراف 1/346.
(8) وبَرٌ يُخلط بدماء الحَلَمِ ثم يُشْوى، كانت العرب في الجاهلية تأكله في الجَدْب.(لسان العرب 5/381.(مادة (علز).
(1) الواقدي 2/478 – 479.
(2) ابن هشام 3/229؛الواقدي 2/480؛ 2/73.
(3) الواقدي 2/820.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 27

رسول الله، جئناك لقرب ديارنا منك، وكَرِهْنا حربك، وكرهنا حرب قومنا لقلّتنا فيهم، فأنزل الله عز وجل على نبيه  :"أَوْ جَاءُوكُم حَصِرَت صُدُورُهم أَن يُقَاتِلُوكُم أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُم" إلى قوله "سَبِيلاً"(4) الآية. واتخذت أشجع في محلّتها مسجداً(5).
استثمر النبي  انتصار الخندق ونتائجه المدوية في القبائل المجاورة للمدينة، وبادر بإرسال سريّة عُكَّاشَة بن مِحْصَن إلى الغَمْر(6) في ديار أسد، فهربت بنو أسد، وألقى الله في قلوبهم الرعب، واستاقت السرية كثيراً من أموالهم، وعادت سالمة إلى المدينة(1).
ولما أجدبت ديار ثَعْلَبة وأنْمار، وقعت سحابةٌ بالمراض الى تَغْلَمَيْن، فصارت بنو مُحارب وثَعلبة وأَنْماَر إلى تلك السحابة، وكانوا قد أجمعوا أن يُغيروا على سَرْح المدينة، فبعث رسول الله  أبا عبيدة بن الجراّح في أربعين رجلاً من المسلمين، فوصلوا إلى ذي القَصّة(2) مع عماية الصبح ، فشنّ الغارة عليهم، وهربوا في الجبال، واستاق النعم(3).
ثم أرسل سريّة أخرى بقيادة زيد بن حارثة إلى بني ثعلبة في الطَّرَف(4) فهربوا، واستاقوا النعم(5).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(4) سورة النساء آية 90.
(5) أخبار المدينة 1/267؛ ابن سعد 1/306؛ وفاء الوفاء 4/763.
(6) ماء لبني أسد على ليلتين من فيد.(ابن سعد 2/84).وقال البكري: الغَمْر: جبل أحمر طويل، لحيٍّّ من بني أسد، يقال لهم بنو مُخَاشن. وإلى جنبه ماءة يقال لها الرُّخَيْمَة، وأخرى يقال لها الثّعْلَبيّة. وبين الغَمْر وفَيْد عشرون ميلاً.(معجم ما استعجم 3/1034).
(1) الواقدي 2/550؛ ابن سعد 2/84.
(2) ذو القصّة: بنها وبين المدينة أربعة وعشرون ميلاً.(ابن سعد 2/85؛ الأماكن 2/779)؛ موضع على بريد من المدينة تلقاء نجد.(وفاء الوفاء 4/1290).
(3) الواقدي 2/552؛ ابن سعد 2/86.
(4) الطَّرَف: ماء قريب من المراض دون النُّخيل على ستة وثلاثين ميلاً من المدينة .(ابن سعد 2/87)؛قال الجاسر: والطرف يعرف الآن باسم (الصّويدرة) وتبعد عن المدينة48 كيلا على طريق المدينة القصيم (الأماكن 2/636).
(5) الواقدي 2/555؛ابن سعد 2/87.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 28

ثم فتح النبي  خيبر وهو أهم حدث للمسلمين في تلك الفترة، لما تمثله خيبر من مورد اقتصادي مهم، ولموقعها الجغرافي المميز.
كانت يهود خيبر لا يظنّون أن رسول الله  يغزوهم لِمَنعتهم وحُصونهم وسلاحهم وعَدَدِهم؛ وكان من كان بالمدينة من اليهود يقولون حين تجهّز النبي إلى خيبر: ما أمنع واللهِ خيبر منكم! لو رأيتم خيبر وحصونها ورجالها لرجعتم قبل أن تصلوا إليهم؛ حصون شامخات في ذُرَى الجبال، والماء فيها دائم، إن بخيبر لألف دارع، ماكانت أسد وغطفان يمتنعون من العرب قاطبةً إلا بهم(6).
تحيط بخيبر أراضي غطفان من النواحي الشرقية والجنوبية والشمالية، وإلى الغرب من خيبر تبدأ أراضي قضاعة وبلي وعُذرة(1) .
استبق النبي  أي إمداد أو تعاون بين اليهود في خيبر ومن حولهم من القبائل، فأرسل علي بن أبي طالب إلى فَدَك(2) في شعبان من السنة السادسة من الهجرة، حيث بلغه أن جمعاً لبني سعْد بن بكر(3) يريدون أن يمدّوا يهود خيبر، ففاجأهم على ماء الهَمَج(4)، ، وهربت بنو سعد بأهلهم وذراريهم، واستاق علي – رضي الله عنه – النّعم وقدم بها المدينة(5).
وقد سبق وأن ذكرنا إسلام قبيلة أشجع الغطفانية بعد غزوة الأحزاب مباشرة، وبذلك أصبحت الأرض التي تمتد من المدينة إلى خيبر كلها إسلامية، فخرج

--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(6) الواقدي 2/637؛الشافعي، الأم8/352، أشرف على طبعه: محمد النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2/1393هـ.
(1) معجم ما استعجم 1/ 49 - 52 ، 329
(2) فدك:بينها وبين خيبر يومان.(معجم ما استعجم 3/1015)؛ وبينها وين المدينة.(2/90)؛ وهي اليوم لا تعرف بهذا الاسم، ولكن المرجّح أنها الحُوَيِّط والحَائط، وهو شرق حرّة خيبر، وفيه قُرى كثيرة.( تعليقات حمد الجاسر على كتاب الأماكن 2/927).
(3) إحدى قبائل غطفان .(ابن الكلبي، جمهرة النسب 413).
(4) هَمَج: ماء بين خيبر وفَدَك.(ابن سعد 2/90)، وهو لبني فُزارة وبني مُرّة .(الأماكن 2/926) ولا يزال معروفا في تلك الناحية.(تعليقات حمد الجاسر على كتاب الأماكن 2/927).
(5) ابن هشام 4/611 – 612؛الواقدي 2/562؛ابن سعد 2/89.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 29

بألف وخمسمائة من المسلمين، في أوائل السنة السابعة من الهجرة، إلى خيبر، وسلك ديار أشجع ، وكان الأدلاء منهم(6) .
ونزل الرسول  بجيشه بوادٍ يُقال له الرجيع إلى الشرق من حصون خيبر، وذلك من أجل أن يحول بين مساعدة غطفان لليهود(7).
بلغ اليهود تجهّز الرسول  عن طريق رجل من فزَارة، وذهب وفدٌ منهم لطلب النصر من غطفان مقابل نصف تمر خيبر(8).
لم تستطع غطفان إمداد اليهود(1)؛ وتمكّن المسلمون من فتح خيبر، والقضاء على وكْر الكيد والتآمر، وأصبح الطريق ممهّداً لدعوة القبائل المجاورة لليهود، والتي كان لليهود الدور الأكبر في غِوَايتهم وصدّهم عن الإسلام.
ودخلت فَدَك صلحاً(2).
وبعدها وادي القُرى دخلت عُنوة(3) ، وصالح أهل تيماء رسول الله صلى الله عليه وسلّم على الجزية(4).
وكان صلح الحديبية الذي جرى بين النبي  وقريش فتحاً للمسلمين كما ذكر الله عز وجل ذلك(5) ، فتفرّغ النبي  لدعوة وردع القبائل في تلك الجهة، وخاصة بعدما تحقق الانتصار الكبير على اليهود في خيبر ـ حلفاء غطفان ـ وكنت الحرب التي جرت بين قريش والمسلمين قد حَجَزَت بين الناس وانقطع الكلام، فلمّا كانت الهُدنة وضعت الحرب أوزارَها وأمن الناس بعضهم بعضاً،

--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(6) الواقدي 2/638؛ الإصابة 2/211.
(7) ابن هشام 3/330؛الواقدي 2/639.
(8) الواقدي 2/642.
(1) ابن هشام 3/330؛الواقدي 2/650.
(2) ابن هشام 3/353؛ ابن شبة، أخبار المدينة 1/192 – 195.
(3) الواقدي 2/711.
(4) ابن هشام 3/338؛الواقدي 2/710؛البخاري مع الفتح 7/557(4234) ، كتاب المغازي، باب :غزوة خيبر؛مسلم 1/108(115) كتاب الإيمان، باب:غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون؛البيهقي، دلائل النبوة 4/269.
(5) إشارة لقوله تعالى:" إنا فتحن لك فتحاً مُبِينا". سورة الفتح آية رقم 1.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
صفحه 30

فلم يكن أحد تكلّم بالإسلام يعقل شيئًا إلا دخل في الإسلام، حتى دخل في تلك الهدنة صناديد المشركين منهم – خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، واستمرت الهدنة اثنتين وعشرين شهراً، دخل فيها مثلُ ما دخل في الإسلام قبل ذلك وأكثر، وفشا الإسلام في كلّ ناحية من نواحي العرب(6).
ولكن بعض بني فُزارة، وجُذَام لا يزالون يناوشون المسلمين بحكم التّعرّب والإيغال بالبداوة، فاعتدى بعض بني جُذام على دِحْيَة الكلبي، وهو قادم من عند قَيْصَر وسلبوا ما معه من مال ومتاع، وكان قد اجتمع إليهم غطفان، ووائل، ومن كان من سَلامات وبَهراء، في حِسْمَى(1) وراء وادي القُرى، فأرسل النبي  زيد بن حارثة إليهم في خمسمائة من الصحابة – رضوان الله عليهم, فشنّ زيد الغارة عليهم وتمكن من قتل وأسر وسبي الكثير من بني جُذام، وكان بعض بني جُذام قد أسلم، وكتب له النبي  كتاباً، فجاءوا إلى النبي  وبلّغوه الخبر، فأرسل النبي  علي بن أبي طالب إلى زيد يأمره برد كل ما أخذه منهم(2).
كذلك أرسل  سرية زيد بن حارثة للانتقام من بني فزارة، بوادي القُرى وكانوا قد اعتدوا على بعض أصحابه، فَشَنّ الغارة عليهم، وشتت شملهم وسبى بعض النساء(3).
استمرّ المسلمون في دعوتهم لمن حولهم من القبائل، ولكنهم لا يسمحون لأي تهديد محتمل ، بل يفاجئونه ويقضون عليه في مهده ومن ذلك:
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(6) الواقدي 2/624.
(1) حسمى: موضع من أرض جُذام.(معجم ما استعجم 2/446).
(2) ابن هشام 4/612. والصحيح ما ذكره ابن اسحاق في تاريخ هذه الغزوة، لأن الرسول لم يرسل الرسل الى الملوك الا بعد صلح الحديبية؛ الواقدي 2/555؛ابن سعد 2/88؛أنساب الأشراف 1/377.
(3) ابن هشام 4/617؛الواقدي 2/564؛ ابن سعد 2/90.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 31

سريّة أبي بكر الصديق – رضي الله عنه – إلى بني كلاب وفُزارة، ناحية ضريّة، في شعبان سنة سبع من الهجرة(4).
وسريّة بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مُرّة في فَدَك(5).
وسريّّة غالب بن عبد الله الليثي إلى بني عُوال وبني عبد بن ثعلبة، وهم بالمَيْفَعَة(6).(7)
ولما سمع الرسول  أن عيينة بن حصن قد واعد جمعا من غطفان بالجناب(1)، أرسل على الفور بشير بن سعد في ثلاثمائة مقاتل ، فتفرّقوا، وأصاب بشير بعض النعم(2).
ومن نتائج هذه السريّة بدأ زعيما غطفان عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف المرّي يفكّران في الإسلام، وهمّا بالهجرة إلى المدينة، لولا أن ثبّطهما فَرْوة بن هُبيرة القشيري ، فقدّموا رجلاً وأخّروا أخرى(3).
ولم تأت السنة الثامنة من الهجرة إلا وقد أسلم عيينة بن حصن، ودخلت غطفان في الإسلام، واشترك عيينة في فتح مكة، وغزوة حنين، وحصار الطائف(4).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(4) الواقدي 2/722؛ابن سعد 2/117 – 118؛مسلم 3/1375 – 1376 (1755) كتاب: الجهد والسير، باب: التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى؛ أحمد، المسند 27/27(16502)؛النسائي، السنن الكبرى 8/48(8612) كتاب السير، باب: فداء الجماعة بالواحد(62)، تحقيق: حسن شلبي، مؤسسة الرسالة، ط1/1421هـ؛ابن ماجة 2/949(2847)، كتاب الجهاد، باب:م أحرز العدوّ ثم ظهر عليه المسلمون؛الحاكم، المستدرك 3/36؛البيهقي، السنن الكبرى 9/129.
(5) الواقدي 2/723؛ابن سعد 2/118.
(6) المَيْفَعَة: هي وراء بطن نخل إلى النّقرة قليلا بناحية نجد ، وبينها وبين المدينة ثمانية بُرُد.(ابن سعد 2/119).
(7) الواقدي 2/726؛ابن سعد 2/119.
(1) الجناب: يُعارض سَلاح وخيبر ووادي القُرى.(ابن سعد 2/120)؛وهي أرض بين فَزَرة وكَلْب.(معجم ما استعجم 2/395).قال الحازمي: من بلاد فَزَارة، بين المدينة وفَيْد.، قال الجاسر معلّقاً: ويُعرف الجناب الآن باسم الجهراء.(الأماكن 1/260).(البلادي، معجم المعالم الجغرافية 86).
(2) الواقدي 2/727؛ابن سعد 2/120.
(3) الواقدي 2/730 – 731.
(4) ابن هشام 4/627؛الواقدي 2/803 – 804؛ ابن سعد 2/153؛ أحمد، المسند 20/13574 ( 13084) 21/194(13574)، 39/306(23879)؛ابن أبي شيبة، المصنّف 12/160
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 32

قال عباس بن مرداس السلمي في غزوة حُنين:
أبلغْ هوازنَ أعْلاها وأسفَلها
أني أظنُّ رسولَ اللهِ صابِحكُم
فيهم أخوكم سُلَيم غيرَ تاركِكُمْ وفي عِضَادته اليُمنى بنو أسدٍ تكاد ترجُف منه الأرض رَهبتَه منّي رسالةَ نُصْحٍ فيه تِبْيانُ
جيشاً لهُ في فَضاءِ الأَرْضِ أركانُ
والمسلمُون عبادَ اللهِ غسَّانُ
والأجْرَبان بنو عَبْسٍ وذُبيانُ
وفـي مُقـدَّمـــه أوْسٌ وعُثْمـــانُ(5)
لقد كانت البداوة والجلافة متأًصّلة في القبائل القاطنة إلى الشرق والشمال الشرقي من المدينة، وكانت الطّباع تختلف وتتباين بين هذه القبائل وبين تلك في غرب المدينة.
لقد أثّر التعامل مع الأنعام، في طباع كل قبيلة، فقبائل الحجاز الأوسط، مثل جهينة، وضمرة، وأسلم ، وغفار، وبكر، وخزاعة، وقريش تقوم بتربية ورعي الأغنام أكثر من الإبل، وقد أدّى ذلك إلى لطافة طباعهم، ورقّة مشاعرهم، ولذا قال : "مامن نبي إلا ورعى الغنم، قالوا: وأنت يارسول الله!، قال: نعم، كنت أرعاها على قراريط في جبال مكة"(1).
أما القبائل الشرقية من المدينة، فيغلب عليها رعي الإبل، وهي بشموخها، وقوتها، وكبريائها، تصبغ من يتعامل معها بصفاتها, قال :"والفخُر والخُيلاء في أصحاب الإبل، والسَّكينةُ والوقارُ في أصحاب الشَّاء"(2).
لقد عانى  مع هذه القبائل الشرقية، أكثر مما عاناه مع
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(5) ابن هشام 4/441. وقال ابن إسحاق: أوْس وعثمان: قبيلا مزينة.
(1) البخاري مع الفتح 9/488(5453) كتاب الأطعمة، باب الكباث، وهو ورق الأراك؛ مسلم 3/1621(2050).كتابا الأشربة، باب: فضيلة الأسود من الكباث.
(2) مسلم 1/73( 52). كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه حديث الباب رقم 91.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------


صفحه 33

غيرها من القبائل الأخرى، وكان الجفاء و القسوة واضحين في سلوك أفرادها(3).
فقال  بعد أن عانى الكثير معهم:"غِلظ القلوب والجفاء في المشرق، والإيمان في أهل الحجاز"(4).
وقال أيضاً: "أسْلمُ وغِفَارُ ومُزَيْنََة وجُهَيْنَة، خيرٌ من بني تميم ومن بني عَامِر، والحَليفيْن بني أسَد وغَطَفَان"(3).

[size=9]منازل هذه القبائل في المدينة المنورة بعد هجرتها:[/size]لما أذن النبي  لأصحابه بالهجرة ، بدأ المهاجرون يتوافدون إلى المدينة، ونزل كثير منهم بقباء والسُّنْح(1)، فمن كان أعزباً نزل على سعد بن خَيْثمة(2)، ومن كان معه أهله نزل على واحد من الأنصار(3).
وحينما قدم النبي  إلى المدينة مهاجرا مع أبي بكر الصدّيق – رضي الله عنه – نزل على كُلثوم بن هِدْم في قُباء(4)، ونزل أبو بكر رضي الله عنه على خُبَيْب بن إساف، أحد بني الحارث بن الخزرج بالسُّنْح(5).
ثمّ قدم علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – فنـزل مع الرسول  على كُلثوم بن هِِِدْم .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

(3) البخاري 7/665 (4351) كتاب المغازي، باب: بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، 10/440(5997) كتاب الأدب، باب: من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبّلها أو ما زحها. أحمد، المسند12/17(7121)، 17/46(11008)، 18/190227(1164711695)، 29/ 165(17625).، الترمذي 5/730(3946) كتاب المناقب، باب: مناقب ثقيف وبني حنيفة؛ الطحاوي، مشكل الآثار 2/20، 4/371البيهقي، السنن الكبرى 7/25؛أبو نعيم، حلية الأولياء 5/71 – 72، دار الكتاب العربي، ط4/1405هـ.
(4) مسلم 1/73(53)، كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان فيه، ورجحان أهل اليمن فيه.
(5) مسلم 4/1956(2522)، كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيء.
(1) هي بعوالي المدينة، بينه وبين المسجد النبوي قدر ميل.( وفاء الوفاء 4/1237).
(2) ابن هشام 2/493، 480؛ ابن سعد 1/233.
(3) ابن هشام 2/476 – 480.ابن سعد 1/226.
(4) ابن هشام 2/493؛ ابن سعد 1/233.
(5) ابن هشام 2/493.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 34

ثمّ انتقل  إلى داخل المدينة، فبنى مسجده، وبنى بيوتاً إلى جنبه باللّبن، وسقّفها بجذوع النخل والجريد(6).
لقد اختير المسجد النبوي ليكون في وسط المدينة(7)، ثمّ خطّ النبي – – الدّور بالمدينة(8)، فخطّ لبني زُهْرَة في ناحية من مؤخّر المسجد(9).
وكان الأنصار يهبون لرسول الله  الأراضي، فيُقْطِع من ذلك ما شاء(10). فانتشرت دور المهاجرين حول المسجد النبوي(11). فكانت دور بني زهرة شمالي المسجد، ودور بني عدي، ومن أشهرها دار آل عمر بن الخطاب، جنوبي المسجد من غربيها (القبلة)، وقد تمتد دورهم إلى البقيع شرقاً، والى السوق غربا(1). وإلى القرب من دور بني عدي ، في الجهة الجنوبية للمسجد، توجد دور لبعض مهاجري ثقيف(2).
وأما بنو جمح فكانت دورهم نحو المُصلّى(3)؛وكذلك سكن بنو سهم عند البلاط(4)، وبجوارهم دور بني عامر بن لؤي(5).
وفي الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي دور بني تَيْم(6)، وكان الرسول  قد أقطع أبا بكر داره التي بجوار المسجد(7).
ولمّا بدأت القبائل المجاورة للمدينة بالدخول في الإسلام، هاجر من هاجر منهم إلى المدينة، ومنهم بنو غِفَار الذين أقطع لهم النبي  دار الحجارة بالسوق،

--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(6) المصدر السابق 2/ 496 ؛ابن سعد 1/240.
(7) الإصطخري، مسالك الممالك 18.
(8) اليعقوبي، البلدان 313.
(9) ابن سعد 3/126.
(10) وفاء الوفاء 2/718.
(11) أخبار المدينة 1/229 – 254؛ عبد الله إدريس، مجتمع المدينة 166 – 181، جامعة الملك سعودط1/1412هـ.
(1) أخبار المدينة 1/247 – 249.
(2) المصدر السابق 2/249 – 250؛ الإصابة 2/500.
(3) أخبار المدينة 1/250.
(4) المصدر السابق 1/251.
(5) المصدر السابق 1/251.
(6) وفاء الوفاء 2/719 – 720.
(7) ابن سعد 3/175.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 35

وكان لهم مسجد صلى لهم فيه النبي (8)، وكانت منازلهم في البداية عبارة عن مجموعة خيام حول مسجدهم(9).
وبعد أن توافد عدد كبير من بني غِفَار على المدينة نزلوا في السائلة بجوار جبل سلع(10).
ونزل بنو ليث بن بكر شامي التمّارين على امتداد وادي بطحان حتى حرة واقم(11).
ونزل بنو ضَمْرَة بن بكر في محلّتهم التي يُقال لها بنو ضَمْرَة، وهي تمتد من الثَّنيّة إلى مَحلّة بني الّديل بن بكر إلى سوق الغنم، واتّخذوا في محلته مسجداً(12).
ونزل بنو الدّيل بن بكر في محلــــّتــهــم وهــي مـابين بني ضُمرة إلى دار الخرق عند

زقاق الحضارمة(1).
أمّا بنو أسلم فقد نزلت شامي السوق حتى ثنية عثعث عند جبل سُلَيْع(2)؛ وكان عددهم كبيراً(3).
وتمتد منازل أشجع من ثنيّة الوداع إلى جوف شعب سلع والمعروف بشعب أشجع في السفح الشرقي لجبل سلع (4). وسكن بجوارهم – فيما بعد بنو مالك، وبنو زُنَيْم، وبنو سكين من فَزَارة(5).
ونزلت مُزَينة غربي المصلّى حتى بطحان غرباً، ونزلت معهم بنو سُليم، لأن دارهم في البادية واحدة(6).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(8) أخبار المدينة 1/260 – 261.
(9) المطري 73 ؛ وفاء الوفاء 3/856.
(10) أخبار المدينة 1/261؛ المطري 73 ؛ وفاء الوفاء 2/758؛ خلاصة الوفاء 2/330..
(11) أخبار المدينة1/262؛وفاء الوفاء 2/759.
(12) أخبار المدينة 1/251، 263؛ وفاء الوفاء 2/760.
(1) أخبار المدينة 1/263؛ وفاء الوفاء 2/760.
(2) ابن سعد 5/60؛ أخبار المدينة 1/264؛ وفاء الوفاء 760 – 761.
(3) الطبري 3/222.
(4) أخبار المدينة 1/267؛ ابن سعد 1/306؛ وفاء الوفاء 4/763.
(5) أخبار المدينة 1/268؛ وفاء الوفاء 2/764 – 765.
(6) أخبار المدينة 1/135، 246 – 265؛وفاء الوفاء 2/761.
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

صفحه 36

ونزلت بنو المصطلق بن سعد بن عمرو من خزاعة، رَهْط جُوَيْرِيَة بنت الحارث زَوْج النبي ، ظاهر حَرّة بني عضيدة، في الحرّة الغربية.
وسكن إخوتهم بَنُو كَعب بن عمرو إلى يمين محالّ بني لَيْث بن بكر حتى موضع التّمّارين بالسوق، وشامي المُصلّى(7).
ونزلت جُهَينة وبلي في خطّة واحدة إلى يمانِيّ ثنيّة عثعث وحتى مسجد الفتح، غربي سَلْع حيث ديار بني سلمة ، وكان الرسول  قد خَطّ لهم مسجداً(8).
--------------------------------------------------------------------------------------------------------

(7) أخبار المدينة 1/268؛وفاء الوفاء 2/765؛
(8) أخبار المدينة 1/63، 79، 266 – 267؛ البخاري، التاريخ الكبير 2/202، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت 1407هـ؛ أسد الغابة 1/301، دار الفكر، 1690هـ؛ المطري 73؛ الإصابة 1/429؛ وفاء الوفاء 2/763- 3/855 -856؛ العباسي، عمدة الأخبار192، تصحيح:حمد الجاسر، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، ط4.
قال العباسي: روى الزبير يسنده عن خارجة بن الحارث بن رافع بن مكيث الجهني عن أبيه عن جده قال: جاء رسول الله  يعود رجلا من أصحابه من جهينة من بني الربعة يقال له أبو مريم، فعاده بين منزل بني قيس العطار الذي فيه الأراكة وبين منزلهم الآخر الذي يلي دار الأنصار فصلّى في المنزل؛فقال: نفر من جهينة لأبي مريم: لو لحقت رسول الله  فسألته أن يخط لنا مسجداً فقال احملوني إليه، فحملوه فلحق النبي  فقال: مالك يا أبا مريم، فقال: يا رسول الله لو خططت لقومي مسجداً قال: فجاء النبي  إلى مسجد جهينة وفيه خيام لِبَليٍّ فأخذ ضلعاً أو محجناً فخط لهم، قال: فالمنزل لبلي والخطة لجهينة, وهذه الناحية معروفة غربي حصن صاحب المدينة خراب، وتعرف بدرب جهينة، والناحية من داخل السور بينه وبين الحصن القديم، غير أن الداخل فيه بعضها لا كلها, وقد وجدت مسجد جهينة وبلي بحمد الله، ومسجد وبيوت المطرفي، في غربي القلعة على جبل عثعث وهو شرقي سلع. هذان المسجدان داخل السور القديم، وخارجا من السور الموجود الآن، وبين المسجدين رمية حجر، فإن مسجد جهينة وبلي قبليّ مسجد بيوت المطرفي، وهو أصغر من مسجد جهينة وبلي وفي قبلته قطعة جبل صغير، وبقبلة الجبل زاوية للشيخ بلال، وبجانب الزاوية مسجد جهينة وبلي، ولا تخفى على من يخرج من باب الشامي رؤيتها إذا نظر إلى جانب جبل سلع بينه وبين حصن صاحب المدينة.(عمدة الأخبار 192 – 193).

رد مع اقتباس
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 2 )
عـــــضو شرف مــــــهم جداً
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : 11 04 2007
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : الرياض
عدد المشاركات : 2,611 [+]
آخر تواجد : 10 - 11 - 14 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : سلطان القحم is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي رد : للمهتمين بالتاريخ والقبائل في بدايات العصر الاسلامي

كُتب : [ 20 - 07 - 07 - 07:26 AM ]

بيض الله وجهك أخوي قاصرها .. موضوع رائع للمهتمين بالقبايل وتاريخها .. شكراً لك على هذا النقل .. تقبل مروري سلطان الميزاني.

رد مع اقتباس
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )
<img src=
رقم العضوية : 54
تاريخ التسجيل : 15 05 2007
الدولة : ذكر
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 32,017 [+]
آخر تواجد : 20 - 03 - 24 [+]
عدد النقاط : 29
قوة الترشيح : أبن مصاول is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي رد : للمهتمين بالتاريخ والقبائل في بدايات العصر الاسلامي

كُتب : [ 20 - 07 - 07 - 09:25 AM ]

صفحه 18

ولعلّ من الدلائل على حسن إسلام بني سليم، ومتابعتهم للنبي صلى الله الناس أن يردوا سبايا قبيلة هوازن - بُعيد معركةعليه وسلم موقفهم من سؤال النبي (4).حنين - فقالت سُليم ما كان لنا فهو لرسول الله
القبائل المجاورة للمدينة من الناحيتين الشرقية والشمالية
كانت قبيلة غطفان تهيمن على أنحاء المدينة الشرقية والشمالية، و تضم عدة قبائل مثل قبيلة: أشجع، وذبيان، وفزارة، وأنمار، وبنو محارب، وبنو ثعلبة، وعبس، وبنو مرّة بن عوف(5).
وتختلط قبائل حلفائهم بني أسد(1) في بعض مواضع أنحاء المدينة الشرقية، وكذلك قبائل بني كلاب.
ففي أقصى حدود منطقة المدينة الجنوبية الشرقية يوجد مكان أسمه "ضرية"، تلتقي عنده عبس، وبنو أسد، وبنو كلاب(2). وبجوار ضرية جبلة لبني نُمير وبني كلاب(3). وأما الرّبذة فهي أرض بني محارب، وثعلبة(4),وبين القُهْب والربذة نحو من بريد، وهي في ناحية ديار بني ثَعْلبة، وبني أَنْمَار، وأقرب المياه لها الجَفْر(5)، ومُغِيثة الماوان لبني مُحارب(6), وفوق الرّبَذة واد ذي بَقَر لبني أسد(7).
264

صفحه 19
وتمتد ديار أسد شرقاً حتى تلاقي ديار بني عامر في الرشاء(8) ، كما تتقاطع ديارهم أيضاً مع بني عامر في شَرَوْرَى(9) – جبل بين العمق والمعدن في طريق مكة إلى الكوفة - . وتصل منازل بني أسد حتى أُثال بالقصيم(10).
كما تتداخل أراضي بني عبس وبني عامر في سُقْف(11). ونظراً لهذا التداخل في ديار قبيلتي غطفان و هوازن فقد حدّد الجغرافيون العرب أرض هوازن في نجد مما يلي اليمن، وأرض غطفان مما يلي الشام(12).
وأما قبيلة فَزَارة فتسكن جَنَفَاء، والنُّقْرة، والحِسْىَ ببطن وادي الرُّمَّة, والحاجر، والجريب (1).
وتعتبر ساجر(2) حداً فاصلاً بين غطفان وتميم(3)، كما تتداخل قبيلة غطفان مع بني أسد في جبل الخال من وراء النُّقْرة(4)، ومن ورائها النّبَاج لبني أسد(5).
وتعد طِلال وطُمَيّة من أرض غطفان , ومن النَّقرة شمالاً تتداخل أراضي أشجع وفزارة، فقرية نخل(6) – بواد يقال له شَدَخ – لفزارة وأشجع(7)، ووادي
صفحه 20

الأسحن - قرب فَدَك – لفزارة وحدها (8)كما تمتد أراضي فُزارة إلى الشمال الغربي حتى الجَنَاب، وبعدها أرض كَلْب(9) وتشترك ذُُبْيَان مع أشجع في ذَيَالة:قُنّةٌ من قُنن الحرّة – بين نخل وخيبر(10)، وحُلَيْف(11)– جبل قرب خيبر -.
وتمتد ذبيان شمالاً حتى شَرَاف(12)وأرِيك(13).
ويفصل رَمْلُ عَالِج بين طيء وغطفان، فعَالج يصل إلى الدّهناء، وينقطع طَرَفه من دون الحجاز، حجاز وادي القُرَى وتيماء، وأكثر أهل عالج طيء وغطفان، فأمّا طيء فهم عن يمينه ممّا يلي مهبّ الجنوب، حتى يُجَاوز جَبَلَيْ طيء مسيرة ليال، ثم تلقاك فَزَارَة ومُرَّة وذُبْيَان، في الطرف الغربي، ولقُضَاعَة مايلي الشام ومَهَبّ الشّمال من رمل عالج(1) وأما فَدَك – الواقعة على مسيرة يوم من النَّقِرة – فأكثر أهلها أشجع(2)وكذلك الرَّقْمَتَيْن دون فَدَك ، وكذا الحُراَضَة، وخيبر، وجبل الأشْمَذ، ومن دونها الصَّهْبَاء كلّها لأشجع(3).
كما تمتد ديار أشجع من شمال المدينة حيث البَيْضَاء، وتختلط ديارها مع جهينة في إضَم(4).
وتمتد ديار مُرّة شمال أشجع، حيث عُلْكَدْ(5)وذو العُشّ(6) شرقاً حتى يَمْئُود بأعلى الرّمة(7)دَارَةُ مَوْضُوع بين ديار بني مُرّة وشيبان(8)
صفحه 21

أن من مصلحة الدولة الإسلامية الناشلقد أدرك الرسول ئة في المدينة، عدم الدخول في حروب جانبية مع القبائل المحيطة بالمدينة، ولم يغفل النبي عن كسب هذه القبائل بالإحسان إليها تارة، والتحالف معها تارة أخرى، كما حدث للقبائل الساحلية من المدينة.
ولعل من الأمور الحسنة التي أرادها الله للمسلمين من أجل تحقيق أهدافه العليا والسامية، هي تلك العلاقات المتوترة بين القبائل أو حتى بين القبيلة نفسها، فبالرغم من الأحلاف القائمة بين غطفان وأسد وطيء(1)وبين سليم وبني عامر(2) إلا أن هذا لم يمنع الحروب الطاحنة بينها(3)مما جعل من الاستحالة توافق هذه القبائل على غزو المسلمين في المدينة.
فقد نشبت الحروب بين عشائر غطفان بينها وبين بطون خَصَافة – هوازن وسليم- واستمر التنافس بين عشائر غطفان وعشائر خَصَافة إلى ظهور الإسلام، وتميّز بحوادث الفتك والاغتيالات(4).

وتمثل غطفان أهم قبائل قيس، وكانت العرب تعدها في الذؤابة من الشرف، وهي من قيس بمنزلة الرأس من الجسد(5)، وتعتبر أحد أثافي العرب(6)، بسب كثرتها، وشجعانها وشعرائها(7).
ولمكانة هذه القبيلة، فقد كان الخلفاء يتزوّجون منهم(8) .
أحدث انتصار المسلمين على قريش في بدر، وقْعاً مدوياً على قبائل غطفان وغيرها في شرق المدينة، وتنبّهوا لهذا الخطر الجديد، كما كان للعلاقات المميزة بين غطفان وسليم ويهود المدينة أثر كبير في تحريك هذه القبائل(1).
فأخذ بنو مُحَارب وبنو ثعْلَبة يجمعون الجموع بذي أَمَرّ، ناحية النُّخيل في غرة السنة الثالثة من الهجرة، بأربعمائة وخمسين من أصحابه، فوجدهم قد فرّوا لرؤوس الجبال، فأقامفخرج لهم النبي قرابة الشهر، لإظهار قوة المسلمين، وتحدّيهم لتلك القبائل(2).
و حينما غيّرت قريش خط سير قوافلها من غرب المدينة – طريق الساحل – إلى شرق المدينة، وجّه الرسول ضربة قاضية، لمحاولة قبائل غطفان إجارة قوافل قريش، فأرسل سرية زيد بن حارثة على رأس ثمانية وعشرين شهرا من مهاجره الشريف إلى القَرَدَة من أرض نجد بين الرَّبَذَة والغَمرة، ناحية ذات عِرْق، فأصابت السريّة القافلة، وفيها أموال قريش(3).


أخوي قاصرها أشكرك على نقل هذه الأخبار عن القبائل العربية ومنازلها وموقفها من الدعوة الإسلامية وأهميتها....كل يوم والآخر تنقل لنا المفيد والجديد لا عدمناك..

هناك تعليق وهو نص:

اقتباس:
قالت عائشة رضي الله عنها : لما قدمنا المدينة نهانا رسول الله  أن نقبل هدية
من أعرابي ، فجاءته أم سنبلة الأسلمية بلبن فدخلت به علينا فأبينا أن نقبله، فنحن على ذلك إلى أن جاء رسول الله معه أبو بكر فقال : ماهذا؟ فقلت : يارسول الله أم سنبلة أهدت لنا لبنا وكنت نهيتنا أن نقبل من أحد من الأعراب شيئاً . فقال رسول الله  : خذوها فإنّ أسلم ليسوا بأعراب ، هم أهل باديتنا ونحن أهل حاضرتهم ، إذا دعوناهم أجابوا وان استنصرناهم نصرونا ، صبي يا أم سنبلة"( ).
غريب اليس كذلك!!!


اقتباس:
كان أسلم وغفار ومزينة وأحســـبــه وجــهــيــنـة خـيــراً مـن بني تــميــم وبـني عــامر وأسد

وغـطـفان خـابوا وخسروا قال : نعم ؛ قال : والذي نفسي بيده إنهم لخير منهم " ( ).


أشكرك أخي قاصرها فقد نقلت وأجدت

أخوك ابن مصاول

علمتني الحياة : انني إذا أردت أن احلق مع الصقور ,فلا أضيع وقتي مع الدجاج.
قمة الغباء .. أن تحاول أن تكون عميق .. في زمن أصبحت كل أشياؤه سطحيه.
سُئل هتلر : " من هم أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك؟" فأجاب: " أولئك الذين ساعدوني على احتلال بلدانهم"
رد مع اقتباس
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 4 )
عضو فعال
رقم العضوية : 55
تاريخ التسجيل : 16 05 2007
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 479 [+]
آخر تواجد : 19 - 09 - 08 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : ابو سعران المريخي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي رد : للمهتمين بالتاريخ والقبائل في بدايات العصر الاسلامي

كُتب : [ 20 - 07 - 07 - 10:00 AM ]

يعطيك العافيه يا قاصرها على الموضوع




رد مع اقتباس
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 5 )
جديد
رقم العضوية : 77
تاريخ التسجيل : 04 06 2007
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 28 [+]
آخر تواجد : 02 - 12 - 07 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : قاصرها is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي رد : للمهتمين بالتاريخ والقبائل في بدايات العصر الاسلامي

كُتب : [ 23 - 07 - 07 - 11:08 AM ]

الله يعطيكم العافيه

سلطان
ابن مصاول
ابو سعران
وشكرا على المرور

رد مع اقتباس
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 6 )
جديد
رقم العضوية : 2501
تاريخ التسجيل : 21 05 2008
الدولة :
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 13 [+]
آخر تواجد : 30 - 10 - 10 [+]
عدد النقاط : 10
قوة الترشيح : عبدالله شاعي المرزوقي is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
افتراضي رد: للمهتمين بالتاريخ والقبائل في بدايات العصر الاسلامي

كُتب : [ 16 - 11 - 08 - 09:46 AM ]

بيض الله وجهك

وجزاك الف خير

على الاجتهاد الغير مستغرب من امثالك

وتقبل مروري

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قوانين المنتدى الاسلامي دلـــوعــــة الـــمهـــد المنتدى الاسلامي 29 28 - 08 - 10 04:50 AM
للمهتمين بالجودة الإدارية ( الجائزة الوطنية للجودة ) أبن شـــلاّح المنتدى الاعلامي 159 31 - 05 - 09 02:11 PM
أول سيارة بالتاريخ!!! فهد بن صحران السيارات والمركبات 10 10 - 03 - 09 12:52 AM
منتدى التمويل الاسلامي الدولي يناقش قضايا القطاع المالي الاسلامي؟؟؟؟ شديد القحم المنتدى الاقـتـصـادي 2 13 - 04 - 08 07:46 AM
اكبر صفعه بالتاريخ؟ حلا نجد المنتدى العام 2 08 - 06 - 07 03:16 PM


الساعة الآن 04:31 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
المجموعة العربية للاستضافة والتصميم

إن إدارة المنتديات غير مسؤولة عن أي من المواضيع المطروحة وانها تعبر عن رأي صاحبها