جماليات قصيدة هلال المطيري :
عندما بدأ مقدمة رائعة تصل بها الجدية الى قمتها , لم أتي ليقال اتى بموال أو اتى بقصيدة واتى باسماء وتواريخ وامور بل اتيت بالشعر الذي هو انعكاس قوي لواقعنا الأليم , شعر مكلل بالعبقرية في نقاشه في عتابه في بيان ماقدم في جميل مااعطى في قيمة مابذل يقابله ركضا وتكبر وشحا وبخل وطلب لشئ أكبر لاثبات المحبة .
خطاب بمنتهى الابداع ونقاش وتسلسل بديع .
لغة فريدة وبديعة وشعرية جدا عندما يقول ( ردم للحياة خيال ) ترادم وتجمع السحاب على شاطئ الراحة اي تجمع الشعراء من كل حدب وصوب فكأن شاطئ الراحة هو مجمع لهذه السحب .
( ماعله الهملول ) العل هو الاسقاء من المطر يقول البدو ان العل هو ان يأتي مطر قوي بعد مطر بسيط فيكون اضافة قوية وهذا الابداع في مفردته دليل على ضعف مااتى به الشعراء فهم لم يعلون ارض شاطئ الراحة ويروون ضمائها ودليل انها سقيت سابقا بمطر لكن خفيف ثم اتى شعراء النسخة الثانية بمطر لم يسقي الارض ويروي عطشها هذا ومفردة عل بمنتهى الابداع , الهملول هو من مسميات قطرات المطر .
( تكاشف بروقه ) اروع تصوير فكأننا نرى البرق في السماء بجميل مفردة هلال فهكذا يكون الشعر وهكذا يجب ان يحتفى به .
( تحاول وانا احاول ) قمة التواضع واالاعتراف رغم قيمة الشاعر العظيمة وابداعه منقطع النظير فمن يشهد بشئ عام على نفسه فقد قال الحق على غيره .
( عسى الصوت واضح ) خطاب على قدر العقول فهو عرف عقلية جمهور شاطئ الراحة واتاهم بما يصل اليه ادراكهم وحتى ينقلهم ويعيد التوازن المفقود عن عقولهم والذي غاب عنهم طويلا فيقول ( كثر ماتاضح الاحوال ) حالي وحال الكثير واضح وهذه الانتقال العبقري يسجل في تاريخ الشعر الذهبي وقلما تصل اليه مخيلة شاعر ولكن بمثل ثقافة واطلاع هلال المطيري ليس غريبا منه وقد عرف بالجزالة والعمق والفكر المبدع .
( كثر من الكلام ) ( كثر مالغضب ) متشابهان في القدر وردة الفعل فكبت حرية الكلام والتعبير عن الحاجة ورفع الشكوى يقابله غضب مكبوت يخشى ان يتطور ويكون الأولى ان لايوضع قيد على شاكي او طالب حق او متبرم او محتاج يريد ان يصل امره الى مسؤله ’ لكن يراد منا ان نمجد ونشكر ونحمد بينما الغضب من وضعنا والكبت عن شكوانا في اعلى مراحله , الم يعتصر الشاعر من وضعه ووضع مواطني بلده وماوصلوا اليه ومن الكبت على حريتهم في الشكوى والكلام .
( لو الحزن دمعه ) ليت الحزن دمعه لكنا اطلقناه منذا ازل وانتهى الأمر لكن الحزن متأصل في كل شئ من وضعنا وجشع التجار وتركنا لقمة سائغة لهم .
( مابشت على جباه الضرم غير هذا القول ) البش هو ظهور العرق من القهوة ويعرف ذلك من يحمس القهوة فاذا بشت القهوة عرف انها جهزت , الضرم هو الحاجة لشرب القهوة ومعنى بديع جدا من هلال فيقول لو اننا نفوح فوحا كما تفوح الدلال على النار فأننا لن نظهر او تبش على جباهنا الا هذا الكلام , ودليل انه لايريد شوشرة ولا دعوة الناس لشئ بل ايصال شكواه وتبرمه من وضع مواطني دولته من جراء مايعانونه فلن تبش غير هذا القول اي هذا الشعر .
المقابلات العبقرية جدا
1- ( مشي الطفل ) ( ركض البلد ) نشأ طفلا في بلده , وبلده يركض تسارعا ونموا اقتصادي مقابلة بين الركض والفحيح بعد الركض وهو تسارع النفس بسبب الركض ومضادا المشي للطفل والتضاد بينهما لأن احدهما سيسبق الآخر .
( كلك طول ) وبين ( طفل ) انظر الى التضاد بين رجلا كبير وهو البلد هذا الرجل يركض والطفل الصغير يمشي .
افا يالخليج الناس هاذي مشتك اطفال = وعليهم تفح بمركضك وانت كلك طول .
2- ( عطاء الرجل ) و ( شح البلد ) التضاد الرهيب بين العطاء في العمل والفكر والاخلاص والتطوير وبين الشح والبخل من البلد ثم ان هذا البلد ( كله لول ) .
افا يالخليج الناس هاذي عطتك رجال = وعليهم تشح بلولوك وانت كلك لول
3- ( بذل النفس من البطل ) وبين ( الالحاح بطلب شئ يثبت الولاء اكثر وهل هناك اكثر من بذل النفس )
افا يالخليج الناس هاذي فدتك ابطال = وعليهم تلح وعودهم يابسا له حول .
_ ايضا لاحظ في مراحل خطاب هلال لبلده بدأ باقلها قيمة
( طفل ) ( يمشي )
ثم ( رجلا ) ( يعطي )
ثم ( بطلا ) ( يفدي ) .
بدأ بأقلها عطاء وهو الطفل ثم تدرج حتى وصل الى اسمى واعلى ماقدم للوطن يناقشه ويحاجه متدرجا ومبينا رد الوطن على كل حالة منها جحود وعدم انصاف .
( مشتك اطفال ) ( عطتك رجال ) ( فدتك ابطال ) ماذا كان المقابل منك ( تفح ) ( تشح )
( تلح ) انظر الى رد الوطن ونلاحظ تشابه وتقارب لفظ الكلمات بين الفحيح راكضا والشح والالحاح في الطلب .
ياوطن ( تفح بمركضك ) وتترك الطفل ماشيا الهوينا وانت كلك طول , ياوطن ( تشح بلولك ) وانت كلك لول , ياوطن ( تلح بطلب شئ أكبر ) وعود الناس يابسا له حول وقد فدوك بارواحهم فليس عندهم اكبر منها حتى يثبتوا حبهم لك .
( لو انها بالوفا تختال ) خطاب للضعفاء الذين يزعمون قلة الوفاء للوطن ممن يطالب بحقه وهل حقي ان اعيش ذليلا تحت اقدام البشر فالوطن قيمة ويجب ان يشعر فيه مواطنه بقيمته وانسانيته ويجب ان يكون الحب متبادل بين الوطن ومواطنيه وليس سحقا وتقتيرا في مقابل اخلاصا وفداء وتضحية .
( رمت كل موجة ) تصوير بديع جدا للموجات التي هي خطط ومخزون ووفرة هذا البلد الذي جعل رمزا له الخليج فيقول موجة واحدة من هذا الخليج كافية لحل جميع معضلاتنا فما بالك اذا استخدمنا جميع ماتوفر في الوطن وهذا دليل على سهولة ويسر حل الوضع فأن البلد ملئ بـــــــ ( خير وعطاء وحلول ) , مااسهل الحل ياهلال فما دامت موجة واحدة فقط تحل هذا الوضع البائس فالخليج والحمدلله يحتوي ملايين الموجات البحرية ولن تضره موجة واحدة يضفيها على مواطنيه الذين يستحقون الكثير لكن المشكلة ان هناك سدود تحجز هذه الموجات وتحولها لصالحها ففتش عن المجرم .
( ربض عندنا عالم ) مفردة ربض تدل على مدى مرارة وغصة هلال من تواجد وكثرة العمالة الذين اكلوا خيرات البلد وايضا لفظة ( عالم ) دليل على كثرتهم حتى وصلت في بعض الاحصاءت ان اليد العاملة السعودية فقط 4 مليون رجل والعمالة 8 مليون يعني ضعف اليد العاملة السعودية .
السعوديين ( تاكل من المعمول ) قوت الطبقة المتوسطة وانه لم يتغير شئ كثير في حالتهم المادية .
( مدلول العطاء ) ( للرخاء مدلول ) سيظهر العطاء رخاء على المعطى فأذا اعطيت سيظهر الرخاء ولن يكون صحيحا انك تعطي ثم يستمر الفقر انظر هل انعكس عطائك بمعنى ان مااعطيت لم يصل الينا انظر فقرنا فربما تعطي ويذهب لغيرنا راقب رخاءنا فعندما يظهر علينا مؤكد ان عطائك وصل , ليس رخاء فئة دون أخرى بل رخاء اغلبية الشعب ان لم يكن كله .
( الناس ماتشرب البترول ) عبقرية التصوير تتجلى باسمى معانيها فالبترول مال والمال لايدخل الينا مباشرة بل يذهب الى الدولة التي يجب عليها ان توزعه على مواطنيها , البترول في اعلى اسعاره فأين ذهبت المليارات والشعب في اتعس وضع له , البترول بكل صراحة لم ينولنا من موارده الا الفقر فتشوا عن الاسباب واين تذهب المليارات والشعب هكذا حاله .
« آخـــر الـــمـــشـــاركــــات »
غير متواجد حالياً
رد : قصيدة هلال المطيري التي نحرتها طنط نشوى ( قراءة للرائعة )
