بسم الله الرحمن الرحيم 
         وبه نستعين
   هذه عبادة : عبد الله بن المبارك
كــان عبد الله بن المبـارك رحمــه الله من المكــثرين من الصـلاة 
وتلاوة القــرآن الكــريم وذكــر الله سبحانه وتعالى , قال عبده بن 
سليمان : كان ابن المبارك رحمه الله إذا صلى العصر أتى مسجد 
المصيصـة فــاستقبل القبلة يذكــر الله , ولم يكلم أحـد حتى تغرب 
الشمس وقــال نعيم بن حمــاد : مــا رأيت أكـثر اجتهــادا منه في 
العبادة , وكـان يكـره أن يطلع على عبـادته الناس حتى ولو كانوا 
أصحــابه وذويه ومن النوادر في إســراره بالعبادة : مـا حدث به 
خــادمــه الذي كان يخرج معـه في الأسفار , قال : كان ذات ليلة 
ونحن في غزاة الروم ذهب ليضع رأسه ليريني أنه ينام , فقعدت 
أنا ورمحي في يدي قــابضـاً عليـه ووضعت رأسي على الــرمح 
كأني أنام كذلك فظن أني قد نمت فقام فأخـذ في صلاته , فلم يزل 
كذلك حتى طلع الفجر وأنا أرمقه , فلما طلع الفجـر جاء فأيقظني 
وظن أني نائم وقــال : يا محمد , فقلت أني لـم أنم , فلمـا سمعهـا 
مني مــا رأيته بعــد ذلــك يكـلمني ولا ينبســط إلي في شـيء من 
غزواته كلها , كأنه لم يعجبه ذلك مني لما فطنت له من العمل فلم 
أزل أعــرفهــا فيـه حتى مــات رحمـه الله ولم أر رجـلاًً قـط اسر 
بالخير منه .