الموضوع: الأسمنتيون‎
عرض مشاركة واحدة
غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 1 )

....
رقم العضوية : 3019
تاريخ التسجيل : 17 06 2008
الدولة : أنثى
العمر :
الجنس :
مكان الإقامة : أمّشّيّ عّلّى دّرّبّنّ مّاتّوّطّاهّ الأّقّدامّ
عدد المشاركات : 19,421 [+]
آخر تواجد : 13 - 06 - 15 [+]
عدد النقاط : 49
قوة الترشيح : ريم الموازين is on a distinguished road
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع

التوقيت
Post الأسمنتيون‎

كُتب : [ 17 - 06 - 11 - 03:15 PM ]

ليست المشكلة أن نعيش بين جدران من الأسمنت. لكن المشكلة عندما يعيش الأسمنت في أعماقنا، فتيبس مشاعرنا، وتصبح جدراناً. إننا نحزن دائماً عندما يستقبلنا موظفٌ بتجهم وعبوس غير مدركين أن سلوكه نتيجة طبيعية لمجتمع يكرس الجمود في جميع مفاصله.... لا يمكن أن تنبت زهرة وسط جدران؛ لأن مكانها الطبيعي البستان. الابتسامة التي نتطلع أن نراها في وجوهنا ووجوه من حولنا زهرة. هذه الزهرة لن تنبت على ملامحنا إلا إذا وفرنا لها الأرض الخصبة التي تترعرع فيها. للأسف نحن لم نوفر هذه الأرض التي تحيل وجوهنا إلى حدائق غناء، تزدهر بالبهجة، وتنعكس على مشاعر من يلمسها أو يقطفها. إن العثور على ابتسامة وسط مجتمعاتنا بات من المهمات الشاقة التي تعكس مدى ما وصلت إليه مشاعرنا من تصلب. هل سمعنا أن أباً منح ابنه هدية لأنه ابتسم؟ هل شاهدنا تكريماً في مدرسة للمبتسمين؟ إذا لم نزرع بذور الابتسامة في أرواحنا مبكراً، لن نقطفها مؤخراً. إن غياب الابتسامة ومرادفاتها في مجتمعنا يشكل أزمة حقيقية تلقي بظلالها السلبية على كل مناحي الحياة. إن بيئتنا بحاجة ماسة إلى المطر، فإذا لم يهطل من السماء فيجب أن نستمطره من وجوهنا، ليروي الفيافي اليباب في أعماقنا. هذا المطر مصدرٌ رئيس لارتوائنا ومحرك مهم لإنجازنا. إننا في أحيانٍ كثيرة لا نحتاج إلا لترحيب طفيف من الآخرين. هذا الترحيب قد لا يكون سوى ابتسامة عينين، أو عناق يدين. العناق لا يجب أن يكون بين الأجساد، وإنما أحياناً بالعيون، والكلمات. هذا الفعل الصغير له دور كبير في إفشاء الحميمية بين أفراد مجتمعنا، الذي يواجه في هذا العصر تحديات جسيمة، تتطلب الكثير من التواصل الحسي والإنساني. نفتقر كثيرا إلى الشعور الملهم في المرافق العامة والخاصة، أحاديثنا تتسم بالجفاف والعموميات، متناسين التأثير السلبي لهذه المواضيع على معنوياتنا ومن ثم أدائنا. من النادر جداً أن نشيد ببعضنا بإسهاب، أن نبتسم لبعضنا. نحن لسنا جدراناً، يجب أن نبتسم ونضحك، ونرحب ونحتضن، لنتأمل كيف تقوم الزهور باحتضان أصدقائها. تميل نحوهم بلطف، تلتصق أكتافها بأكتاف جيرانها بحبور، فتشكل لوحة تسر الناظرين. إننا أقرب إلى هذه النباتات الساحرة في ألوانها وروائحها وأحجامها المختلفة. وبوسعنا أن نصنع من بعضنا لوحة جذابة بتنوعنا، وتعاضدنا التلقائي، الذي سيشيع البسمة على الملامح. سيجعل منا أمة مبتهجة، هذه البهجة ستقودنا إلى الكثير من البناء والنماء. أتطلع حقاً ألا ندخر أي انطباع إيجابي تجاه أي شخص، بل نشعره به. إن الظمأ ليس بالضرورة حاجتنا إلى الماء، بل إلى كلمة تروي أرواحنا القاحلة. تخيلوا الأثر الذي ستتركه هذه الكلمات على نفوس من نحب. ستفرش أرواحهم بعشب الفرح، هذا العشب الذي نتطلع أن يملأ قلوبنا، ويمنحنا طاقةً تنافس طاقتنا البترولية بل تتفوق عليها. لا بد أن ندرك أن جل الإنجازات في أنحاء المعمورة؛ مصدرها كلمة ساهمت في شحذ الهمم. فلنعمل على غرس مفاهيم الروح السخية في دواخلنا، لنكون مصادر غفيرة للإنتاج. المجتمعات التي تعتمد على مصادر محدودة تنضب وتجف. نمسك أشياءنا برفق وحذر، نخشى عليها أن تُجرح، في المقابل؛ نلقي الكلام على عواهنه، غير مدركين أنه قد يخدش أرواحاً أثمن وأغلى من كل الأشياء. إنه من واجبنا أن نمنح بعضنا الكثير من الود، والابتسامات، والامتنان، فإذا كان الحجر يتأثر ويؤثر فكيف بالبشر؟! نحن مطالبون بإحياء تراثنا الإنساني الذي يتجسد في التواصل الكريم، وعدم الاقتصاد في رسم البهجة على ملامحنا وملامح غيرنا. يجب أن نحطم المشاعر اليابسة التي حولتنا إلى جدرانٍ متحركة، ولنتذكر أن الجميع بحاجة إلى دعمنا، صغيرنا وكبيرنا، كلنا فقراء وبحاجة إلى تبرعات معنوية


عبدالله المغلوث
منقول..~

رد مع اقتباس