يفتتح دور الانعقاد الثالث أعماله قريبا، وجدوله متخم بالقوانين المعلقة والمؤجلة، وفيما ينتظر الشارع الكويتي من نوابه تسريع آلية اقرار القوانين والاتفاق على أولويات، اصطدمت العلاقة التشريعية والتنفيذية باستجوابين كانا متوقع تقديمهما بعد اعلان التشكيل أو التعديل الحكومي الجديد، الأول استجواب وزير المالية بدر الحميضي ومقدمه النائب د. ضيف الله بورمية، والثاني وزير العدل والأوقاف والشؤون الاسلامية د. عبدالله المعتوق،
وبدت الساحة البرلمانية متشنجة باتجاه الاستجوابين، اذ ان الحسابات النيابية اختلفت من كتلة لأخرى، ومن نائب لآخر حيال الاستجوابين، فالدفع نحو التأزيم وحل مجلس الأمة دستوريا يعني خروج عدد من النواب – خصوصا المستقلين – من دائرة الحياة السياسية نيابيا لصعوبة العودة الى كراسي المجلس في ظل الدوائر الخمس، فيما دخلت الكتلة الاسلامية في صراع داخلي كشف عنه التنسيق المفقود في تقديم الاستجوابات، والتسابق مع الوقت للحصول على المركز الاول في تقديم الاستجواب.
مصادر مقربة من النائب د. ضيف الله بورمية، كشفت ان الاتفاق ما بين بورمية والتجمع السلفي ان يقدم الأول استجوابه للوزير الحميضي في اليوم الثاني من بداية دور الانعقاد، ومن ثم التجمع السلفي استجواب وزير الاوقاف المعتوق، على أن يقدما كلا الاستجوابين في بداية دور الانعقاد القادم. الا أن تسريبات التجمع السلفي بتقديم الاستجواب يوم أمس، وعودة النائب د. وليد الطبطبائي من سفره لتقديم الاستجواب، فسر على انه خرق للاتفاق، ما جعل بورمية يبادر الى تقديم استجوابه في الصباح الباكر، علما ان كلا الفريقين المستوجبين لم يبلغا الصحافة بموعد تقديم استجوابيهما كما جرت العادة فيما يبدو للحفاظ على سرية الموعد!.
التسرع في تقديم الاستجوابين بيوم واحد حمل تفسيرين، الأول وجود معلومات لدى المستجوبين بخروج او تدوير الوزيرين الحميضي والمعتوق، وبالتالي الاسراع في تقديم الاستجوابين قبل الاعلان عن التشكيل الحكومي الجديد لتسجيل اهداف لمصالحهما الانتخابية، والظهور بمظهر المنتصر والمتسبب بخروج هذا الوزير او تدوير ذاك. أما التفسير الآخر، فهو تخوّف كلا الفريقين من أن يتسبب استجواب الآخر بحل مجلس الأمة، فيما يفوت الفرصة على الآخر في تسجيل هدف له أمام قواعده الشعبية، وتحقيق وعوده بتنفيذ الاستجوابات، وفي حال حل المجلس، يكون الاستجوابان هما السبب، ويخرج كلا الفريقين متعادلين.
في كلا الحالات، أضعف تسابق النواب في تقديم الاستجوابات الهدف منهما، بل وكشف ان التأييد النيابي غير متوافر حاليا، وحتى الاعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة، فالكتل النيابية لن تعلن تأييدها لأي من الاستجوابين حتى لا تخسر علاقتها مع سمو رئيس مجلس الوزراء - والتي هي في الأصل تحتاج الى ترميم - وتوصف بأنها مصادر تازيم نيابية، وسيكون مخرجها العذر «الدبلوماسي» المعتاد والمكرر في مثل تلك الحالات المتشابكة سياسيا «الاستجواب حق دستوري لكل نائب، وننتظر مناقشة الاستجواب لتحديد موقفنا».
يبقى، ان التسرع النيابي في تقديم الاستجوابات، قبل اعلان سمو رئيس مجلس الوزراء التشكيل الوزاري الجديد، كوّن تعاطفا نيابيا مع الحكومة تبعاته ستحرج النواب المستجوبين، لاسيما أن الأحاديث النيابية صبت في توجه واحد رافضة استخدام اداة الاستجواب في الضغط والتأثير على اختيار أعضاء الحكومة الجدد