الوقت وعاء العمر و اناء الحياة , و هو أغلى من الدراهم و الدنانير , و خسارته من أغبن الخسارات , فهو زمن الوجود في هذا الوجود .
فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة و الفراغ ) .
وقد بلينا بمن يتفنن في تضييع وقته الثمين , و يبدع في وسائل اهداره , و يبرع في أساليب تضييعه , كحال أولئك الذين يمضون الساعات الطوال , وهم عاكفون على الشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) و هم يتقلبون بين الصفحات و المواقع يدفعهم الفضول لاختراق الممنوع , و البحث عن كل مثير , فيقعون في شراك هذه الشبكة المليئة بالفتن في دينهم و المضيعة لثمرة أعمارهم دون حدود أو قيود .
و كم سمعنا عن صالحين غدوا طالحين , و مستقيمين أصبحوا منتكسين , متأثرين بما رأوا و سمعوا
و قرأوا في تلك المواقع المشبوهة !
فما بالك بمن هم دونهم في العلم و الخشية و الدين ؟ !
ان بعضا من الناس يجلس مع هذه الشبكة العنكبوتية بالساعات في كل يوم مضيعا لوقته , و مفرطا في مصالحه , مستغلا هذه الاجازة الصيفية في البقاء أطول وقت ممكن , يعرض الملل و النحل و الشهوات و الشبهات على قلبه و عقله !
فمن أين لنا بالسلامة من الندامة لمن ضاعت لياليه و أيامه و هو يرى الفتن أمامه ؟ !
و لست أمنع من ينتفع بها أو ينفع بها دينه و أمته أن يستفيد منها بالضوابط الشرعية من غض البصر و حفظ السمع و ضبط الوقت , و عدم الاستسلام للفضول الذي يدفع المتابع لما لا تحمد عقباه عند من رق دينه و قل يقينه , و أصبح ايمانه أوهى من بيوت العنكبوت ! !
منقول من كتاب اجازة سعيدة للمؤلف : عبداللطيف بن هاجس الغامدي