ارتباط الهند بالخليج اقتصاديا يوجه علاقاتها بسوريا

عمالة هندية في الخليج

نيودلهي - وائل عواد
يبدو أن البراغماتية في السياسة الهندية وتصويتها لصالح قرار إدانة سوريا في مجلس الأمن إلى جانب الدول العربية والغربية زاد من تقارب الهند مع الجانب العربي.

وبسبب التوتر مع إيران والضغوط الامريكية والاسرائيلية والغربية للوقوف مع خطة مقاطعة النفط الايراني وزيادة عزلتها، فإن المسؤولين العرب، خصوصا من دول الخليج قاموا بزيارات متكررة للعاصمة الهندية نيودلهي لإقناع صناع القرار فيها بقدرة الخليجيين على تغطية حاجيات الهند من النفط والغاز في حال توقفت عن استيراد النفط الايراني الذي يشكل 12% من نسبة واردات الهند، حيث إن إيران، هي الدولة الثانية بعد المملكة العربية السعودية المزودة للهند بالنفط.

نيودلهي التي أكدت على لسان مسؤول رفيع، رفض الإفصاح عن هويته، أنها لم تغير من سياستها تجاه سوريا، وأنها ضد سياسة تغيير النظام والتدخل الخارجي، إلا أن الحقائق على الأرض تشير إلى عكس ذلك، خصوصا خلال الشهر القادم الذي سيشهد سلسلة من التطورات التي تصب في إطار زيادة التقارب الهندي العربي.

ومن المتوقع أن يبدأ وزير الخارجية الهندي اس.ام.كريشنا زيارة إلى القاهرة أوائل الشهر المقبل تستغرق ثلاثة أيام لإعادة إحياء العلاقات الهندية المصرية، حيث سيترأس اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين، كما سيلتقي مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي ووزراء الخارجية العرب.

وتسبق زيارته هذه زيارة تحضيرية يقوم بها سانجاي سينغ السكرتير للشرق في وزارة الخارجية الهندية الذي يترأس وفدا هنديا لاجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة (ترويكا) والتي تضم كلا من ليبيا وقطر والعراق، والتباحث مع المسؤولين المصريين لتعزيز التقارب بين البلدين.

هذه التطورات والاجتماعات والإغراءات الخليجية سوف تمنح الهند فرصة لتقييم الاوضاع والمنحى الذي تتخذه التطورات بما فيه مصلحة الهند القومية من خلال ما يعرف بأمن الطاقة من جهة، وحماية المصالح الهندية في الخليج العربي، حيث يتواجد ما لا يقل عن 6 ملايين هندي في دوله الست، يحققون إيرادات للميزانية الهندية تقدر بحوالي 40 مليار دولار سنويا، عدا عن حجم التبادل التجاري الذي تجاوز 450 مليار دولار هذا العام.

ومع زيادة التوتر في الخليج بسبب برنامج إيران النووي والمخاوف من قيام تل أبيب بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية بدعم من واشنطن الامر الذي سيزيد من حدة التوتر وتوسيع رقعة المواجهة العسكرية وتداعياتها على مستقبل الامن والاستقرار في المنطقة مما زاد من مخاوف الهند من مثل هذا السيناريو المحتمل، وإن كان المسؤولون الهنود يستبعدون أي عمل عسكري في المستقبل القريب، لكن ذلك لم يمنع الهند من العمل على وضع استراتيجية بديلة لتوفير حاجياتها من الطاقة في حال توقف صادرات النفط الايرانية.

ولن يكون الملف الافغاني بعيدا عن المحادثات مع الجانب العربي الذي سيسعى لطمأنة نيودلهي حول خلفيات فتح الحوار مع حركة طالبان الافغانية برعاية قطر، وأن عودة طالبان للسلطة لن تكون له انعاكسات خطيرة على مصالح الهند في أفغانستان والتي تربطها علاقات وثيقة مع حكومة حامد كرزاي.

ويبدو أن القوة الاقتصادية الهندية الصاعدة أصبحت محط أنظار المستثمرين العرب والأجانب على حد سواء، فقد بدأت الهند بفتح أسواقها المالية تجاه المستثمرين العرب بشكل خاص، وقطاعاتها الاقتصادية في وجه الدول الغربية والأمريكية بشكل عام، الامر الذي شجع العديد من دول الخليج على الاستثمار في الأسواق الهندية الواعدة.

وبدورها تسعى العديد من الدول الغربية لإقناع الهند بعدم استقطاب الأموال العربية بحجة أنها تمول الارهاب، وهذا يشكل خطرا على المصالح الهندية والتي يراها العديد من المسؤولين الهنود أنها محاولة يائسة من دول مفلسة احتفظت في بنوكها بالأموال العربية على مدى العقود الماضية، وهي غير قادرة على إعادتها لها في الوقت الراهن.

وتعلق الهند أهمية بالغة على منتدى الشراكة الاستثماري التجاري العربي الهندي المقبل، المقرر عقده في دبي في مايو المقبل، والذي سيبحث عن فرص الاستثمار وتعزيز العلاقات بين الهند والدول العربية، مع غض الطرف من الجانب العربي عن النزاع القائم بين الهند وباكستان حول إقليم جامو وكشمير وتأجيله إلى أجل غير مسمى.

لاهنت على النقل