الثلاث المهربات حق ثابت لشيخ شمل البطن الكبير
هذه القصة حدثت عام 1240هـ جنوب مهد الذهب
.
اجدبت الأرض جنوب جبال المردمة ديار قبيلة عتيبة وأصاب الناس القحط مدة طويلة وهلك الكثير من الإبل والغنم ، ثم نزل المطر على جنوب المهد ، فأخضرت الأرض و حل الربيع فاجتمع كبار القوم من أربع قبائل من ذوي عطيه من قبيلة عتيبة وهم : المغايرة والمهادلة والغنانيم والفراهدة واتفقوا بينهم وأرسلوا إلى الشيخ هدايه بن عطيه أمير عبدله عامة يطلبون منه النزول في أرض العبادل وأن يعلقوا عليه العاني ؛ وافق الشيخ هدايه بن عطيه ثم نزلت القبائل الأربع جنوب المهد مع قبيلة مطير
.
كان لعايض بن هريسان الحابوط(1) امرأة من الغنانيم من قبيلة عتيبة وهذه المرأة لها أخ يزورها باستمرار وكان البدو إذا أتى موسم الحج يذهبون بجمالهم إلى مكة ليتزودوا من الطعام ولما اقترب الموسم قام الحابوط وأعطى نسيبه رويلان العطاوي(2) نقود و ثلاثة من الجمال وكلفه أن يذهب إلى مكة ويحملها من الطعام وكانت هناك امرأة اسمها مويضي بنت عبدالرحمن الشاطري من قبيلة الصعوب تسكن بجوار الحابوط ولما علمت أن رويلان العطاوي سيذهب إلى مكة أعطت ابنها -الشاب الصغير - بعيرا ونقودا وضعتها له في مشخص (3) وطلبت من العتيبي أن يصطحب ابنها معه و أوصته عليه .
ذهب رويلان العتيبي و معه قبران الشاطري إلى مكة وعندما انتصفوا في طريقهم طمع رويلان العطاوي في البعير والنقود و في صاحبه الشاطري و قال له : نريد أن ننام و نرتاح قليلا من عناء السفر و عندما نام الشاطري أخذ رويلان العطاوي حجرا كبيرا و ضرب به رأس الشاطري وهو نائم حتى مات .
أخذ رويلان العطاوي نقود الشاطري و بعيره و باعه في مكة ولما عاد رويلان العطاوي إلى الحابوط والجمال محملة بالطعام سأله الحابوط عن صاحبه الشاطري فقال سبقني بالعودة إليكم .
انتظروه بعدها بيوم لكن الشاطري تأخر بدأت والدة الشاطري تراودها الشكوك أن العتيبي قتل ابنها .
جلس الحابوط مع العتيبي و قال أين تركت الشاطري وبدأ يتلعثم العتيبي في إجاباته للحابوط فقال الحابوط إن كنت قتلته أسر ولا تجلس عندي يقتلونك الصعوب في بيتي . سرى العتيبي لكنه تاه في طريقه ثم عاد إلى الحابوط ونام عنده ولما جاء الصباح قال الحابوط :الصعوب ذابحينك ذابحينك لكن عتيبة معلقة العاني على الشيخ هدايه بن عطيه ولا لنا إلا نذهب للشيخ هدايه ونطلب منه الثلاث المهربات ذهب الحابوط ومعه العتيبي الجاني ولما وصلوا بيت الشيخ هدايه بن عطيه في وادي الغمر قال الحابوط : يا هدايه العتيبي دخل في وجهي وفي بيتي وعتيبة معلقة عليك العاني واليوم نريد منك الثلاث المهربات سلم شيوخ القبائل قال الشيخ هدايه ولك الثلاث المهربات يا حابوط وبعدها لا تنشدنا عنه .
.
جهّز الحابوط العتيبي و أعطاه ذلول و مزهب و قال له : دوّر قبيلة عتيبة .
هرب العتيبي ولما انتهت مدة الثلاث المهربات أمر الشيخ هدايه بن عطيه فرسان العبادل للبحث عن العتيبي حتى لا يضيع دم الشاطري وفعلا بحث العبادل عنه حتى قبضوا عليه وسلموه للشيخ هدايه وقال له أنت أين قتلت الشاطري فقال العتيبي في ذلك المكان أخذه الشيخ هدايه إلى ذلك المكان و قتله في المكان الذي قتل فيه الشاطري بعدها سمع بالقصة الفارس والشاعر مقحم بن جواعد الغنامي العتيبي وقال ليته دخل على الشيخ هدايه أو دخل على الدياحين ليته ما دخل على الحابوط وقال هذه القصيدة :
.
يا راكبا حرا براسه نعاره ** زاره عن الكيعان فجً هواوي
سنه رباع و كن عينه شراره ** والحزم يطوي جرهده ما يلاوي
أبوه حر و منتقينً عشاره ** وأمه أصيلً من زمول اللحاوي
يا موصل الحابوط مني تجاره ** ثوبا من السوداء وسيعً فراوي
يظفي علاه اسمه و وسمه و داره ** ويظفي على شبّانهم واللحاوي
يا ليت يوم أنه تعمّس قماره ** أنه في بيت مشرّعين القهاوي
في بيت أبو خضران(5) يشرب بهاره ** والا على جاره زبن للهداوي
مقدم مطير اللي تهاذب مهاره ** اللي لهن من دون رمرم نحاوي
أهل الأشدة والنقاء والسطاره ** حيث أنهم ما يذبحون الفداوي
.
ــ ولما وصلت القصيدة إلى عايض بن هريسان الحابوط رد عليه قائلا :
.
يا راكب اللي مغتذيها حواره ** تهوي كما يهوي خفوق النداوي
ركّابها اللي ما يحب الخطاره ** يمسي و يصبح في فريق العطاوي
ظلمتني يا بايقً شاة جاره ** لا هو قصيرلي ولا هو فداوي
قبران عقّب له عليكم دماره ** ووجيهكم مثل الشعيب السناوي
ثوبك من السوداء جويدً زراره ** و عابين لكم سود الهنادي عباوي
ما شفت ليّه مشخصً في صراره ** عنده من أولاد العطاوي حراوي
أمه تحرّت لين طشوا جماره ** غدى خوي مخيّبين الحراوي
الشاطري حطوا براسه حجاره ** خويّكم والله عليكم نقاوي
دراهمه تبغون فيها تجاره ** وأفعالكم ما عاد فيها مداوي
.
(1) عايض بن هريسان الحابوط رجل كرم ومن كبار الجشوش
(2) رويلان العطاوي من القبورية من الغنانيم من قبيلة عتيبة
(3) المشخص محفظة تحفظ فيه النقود
(4) الشيخ هدايه بن عطيه أمير عبدله عامة ومن كبار زعماء قبيلة مطير له مكانة اجتماعية خاصة عند القبائل ، اتفقت القبائل على أنه لا يؤخذ في الدم أبداً لكرمه وشجاعته وعفوه عند المقدرة حيث عفا عن ثلاثة رجال من ذوي قاتل أخيه و قص شعر مقدمة رؤوسهم وقال : ( عتقٌ لله ) بعد أن تمكّن منهم وقال : لا نثأر إلا من القاتل نفسه !
(5) أبو خضران الشيخ صالح بن مفلح المطرقه الديحاني ابن جملا